Shacir Andalusi
شاعر أندلسي وجائزة عالمية
Nau'ikan
فلا نزاع في عجز هذه الجوائز عامة عن خلق العبقريات، وليس هناك كبير نزاع في قلة جدواها على العبقري الذي يقنع منها بشحذ الهمة واختصار الطريق.
أما الفائدة التي ثبتت لهذه الجوائز بغير نزاع، فهي فائدة الترويج ولفت الأنظار إلى الأثر الذي تأتيه الشهادة من الهيئات العالمية، وهي ولا ريب خليقة أن تشهد لما يستحق الشهادة بحسنة من الحسنات إن لم يكن مستحقا لها بأفضل الحسنات، وقد يكون في جملة شهاداتها المتعاقبة دليل على معالم الطريق في تطور الآداب من حقبة إلى حقبة، ومن ميدان إلى ميدان، وقد تبينت هذه الفائدة المحققة - فائدة الترويج ولفت الأنظار - في أعمال المغمورين أو أصحاب الشهرة المحدودة، كما تبينت في أعمال المشهورين أصحاب الصيت الذائع بين جوانب العالم المعمور. ومنهم من ظهرت لمؤلفاته طبعات منسوقة على نسق جديد بعد الإعراض عنها واستنفاد الثناء عليها لكثرة الترداد وآفة السآمة مما يتواتر الثناء عليه.
وأحسن ما في هذه الجوائز العالمية - بعد - أن اتصالها بالدولة في أية أمة، وعلى أي نوع من أنواع الحكم لا يخولها السيطرة على أقلام الأدباء فيما وراء بلادها، وقد يجعلها أحيانا تابعة لاتجاه الرأي العام إذا سمح لها أن تقف منه موقف التوجيه البعيد بين آونة وأخرى، ولا خطر منها على أية حال كالخطر الذي يخشى من جائزة تتحكم فيها سيطرة الحاكم المستبد؛ فإنها في هذه الحالة تضيف قيود الإغراء إلى قيود الطغيان، وتموه بطلاء الذهب سلاسل الحديد.
الإسبان المختارون
يقول الأستاذ آندرز أوسترلنج
Anders Osterling
أحد أعضاء اللجنة في الفصل الذي كتبه عن جوائز الأدب من كتاب (نوبل - الرجل وجوائزه):
لو أن أحدا أراد بعد النظر في أسماء المختارين للجائزة أن يتتبع نموذجا للتطور في الأدب العالمي خلال نصف القرن الماضي؛ لكان من العسير أن يجد أمامه نسقا مطردا للحركات الأدبية، وهو أمر لا يعود إلى غياب الأقطاب البارزين من أعلام الأدب وحسب، بل يعود كذلك إلى فقدان هذا النسق في الحركات الأدبية على المثال الذي تتبعه في آثار البحوث العلمية.
وهذا صحيح فيما يقال عن الآداب العالمية على إطلاقها؛ فليس هناك اطراد على نسق واحد في آداب الأمم، ولا في الخطة التي اتبعتها لجنة الجوائز عاما بعد عام لاختيار الموضوعات أو اختيار الممتازين في كتابة تلك الموضوعات، ولكننا ننتقل من الآفاق الواسعة التي تحيط بالآداب العالمية إلى آداب الأمم التي تكرر اختيار الممتازين من أدبائها، فلا يعسر علينا أن نرى هنالك معالم النسق المطرد الذي نبحث عنه في آفاق الآداب العالمية فلا نراه؛ إذ يكفي أن نسرد أسماء الفئة التي أصابها الاختيار من أدباء فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا أو أمريكا أو إسبانيا لنعلم على الأثر أن «تصنيف» أولئك الأدباء من كل أمة لم يكن من باب المصادفة، ولم يأت عفوا بغير نظر إلى جوانب الثقافة ومظاهر تمثيلها في تلك الأمة. وحسبنا على سبيل المثال أن نلم بالنماذج الأربعة التي تم اختيارها من أدباء اللغة الإسبانية - لغة خيمنيز موضوع هذا الكتاب - لنرى في الحق أنها نماذج ممثلة لجوانب أدبها في جوهره، وليست مجرد حالات فردية متفرقة لم يفكر من جمع بعضها إلى بعض على هذه الصورة في المقابلة بينها والنظر إلى فوارقها ومتشابهاتها، وإلى الصورة التامة التي تؤلفها في جملتها.
فقد اختارت اللجنة أربعة من الإسبان بين سنة 1904 وسنة 1956، كأنها اختارتهم في أربع سنوات متوالية لا تفرق بينها فجوة من السنين تزيد في مجموعها على الخمسين.
Shafi da ba'a sani ba