Sessions of Ramadan by Al-Uthaymeen

Muhammad ibn Salih al-Uthaymeen d. 1421 AH
119

Sessions of Ramadan by Al-Uthaymeen

جلسات رمضانية للعثيمين

Nau'ikan

مسائل تتعلق بصيام رمضان الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: يقول الله تعالى: ﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [القصص:٧٣] . ثم إن الله تعالى جلل هذه النعمة بما أنزله من الغيث والمطر على غالب بلادنا ولله الحمد. ثم إن هذه النعمة جُلِّلت بأمر ثالث وهو: انتهاء الحر قبل أن يأتي هذا الشهر المبارك؛ لأنه لو بقي على ما كان عليه لاختلت عبادات كثير من الناس في هذا الشهر، ولقلقوا، ولفاتهم الخير الذي جعله الله تعالى في هذا الشهر. هذه النعم وأمثالها وأمثال أمثالها، وأضعافها، وأضعاف أضعافها كلها يجب على المرء المؤمن أن يتأملها، حتى يعرف نعم الله عليه من الفضل والإحسان، وحتى يحب الله ﷿، فإن من أكبر أسباب محبة الله: أن ينظر الإنسان إلى نعم الله ﷾، ولهذا جاء في الأثر: (أحبوا الله لِمَا يغذوكم به من النعم) . فإن الإنسان بطبيعته التي جبله الله عليها يحب من يحسن إليه ولو كان من بني جنسه، فكيف إذا كان المحسن عليه هو الخالق ﷿، فإنه يحبه أكثر وأكثر. ولكن من الناس من انحرف عن هذه الفطرة والعياذ بالله، وعن هذه الطبيعة التي خلق الله الخلق عليها، وجَبَلَهم عليها، فصار إذا أصابتهم نعمة أضافها إلى سببها، ونسي المسبب لها وهو الله، كما ثبت ذلك في الصحيح: عن زيد بن خالد الجهني ﵁ قال: (صلى بنا رسول الله ﷺ الغداة على إثْر سماء كانت من الليل في الحديبية -يعني: على إثْر ماء مطر نزل- فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال الله ﷿: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مُطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب) مع أن الكواكب ليست سببًا لنزول المطر؛ لكنها ظروف وأوقات لنزول المطر، يقدر الله ﷾ الأمطار في نوء دون نوء، وفي وقت دون وقت، لحكمة اقتضت هذا. أقول: إن بعض الناس لينسبون النعم إلى غير مسديها، أي: إلى غير الله ﷿، ينسبونها إلى قوتهم، وإلى بسالتهم إذا كان هناك حرب وانتصار، وإلى أناس لا يملكون لهم ولا لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا. والواجب أن ننسب النعم أولًا وآخرًا إلى الله ﷿، حتى نعطي للحق حقه، لأن هذا ما يقتضيه الدين الإسلامي، فـ ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ﴾ [النحل:٩٠] . في هذه السنة، وبعد زوال هذه الغمة العظيمة يجيء هذا الشهر في وقت معتدل، إبَّان دخول فصل الربيع الذي هو أحسن فصول السنة، وأريحها للبدن. لذلك سيكون إن شاء الله تعالى صومنا في هذا الشهر سهلًاَ، والليل أطول مما مضى من الأعوام السابقة. فالذي ينبغي لنا أن نستغل هذه الفرصة فيما يقرب إلى الله ﷿. ولكن أبشركم ونفسي بأن الإنسان إذا قام مع الإمام حتى ينصرف في صلاة التراويح، فإنه يُكتب له قيام ليلة كاملة، ولو كان نائمًا على فراشه؛ لأن النبي ﷺ لما قام بأصحابه ذات ليلة حتى مضى شطر الليل، قالوا: (يا رسول الله! لو نفلتنا بقية ليلتنا! قال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة) وهذا يدل على أن هذا القيام الذي نسميه في أول الليل يغني عنه قيام في آخر الليل؛ لأن النبي ﷺ لم يرشدهم إلى أن يقوموا في آخر الليل، لم يقل: من شاء منكم فليقم في بيته، بل قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة) من أجل ألا يتعب أبدانهم. ومع ذلك فإن العشر الأواخر من هذا الشهر كان منهج النبي ﷺ إحياؤها، يحيي الليل كله، ويوقظ أهله؛ لأنها أفضل أيام الشهر، ولياليها أفضل ليالي الشهر، وفيها ليلة القدر التي من قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، كما صح في ذلك الحديث عن رسول الله ﷺ. درسنا في هذه الليلة أن نعرف: متى فُرِضَ الصيام؟ وكيف تطور فرضُه؟ وعلى من يجب الصيام؟

7 / 2