Series of Stories - Al-Munjid
سلسلة القصص - المنجد
Nau'ikan
قدوم أبي ذر وإسلامه عند النبي ﷺ
جاء أبو ذر إلى مكة ودخل الحرم فرآه علي بن أبي طالب ﵁، اكتشف بفطنته -مع أنه كان صغير في السن ذلك الوقت- أن رجلًا غريبًا جاء إلى الحرم.
والقصة هذه حدثت بعد البعثة بأكثر من سنتين، لأن عمر علي ﵁ في ذلك الوقت تقريبًا اثنتا عشرة سنة، يعني علي ﵁ يمارس الدعوة ويكتشف الغرباء الذين جاءوا للسؤال عن النبي ﵊ وعمره اثنا عشرة سنة، يمارس الدعوة وعمره اثنتا عشرة سنة.
فلما رآه علي ﵁ وعرف أنه غريب؛ جاءه فقال: كأن الرجل غريب؟ قلت: نعم.
فلما رآه تبعه أي: انطلق علي إلى المنزل وانطلق أبو ذر معه، ولكن ما أحد فاتح الآخر بالمطلوب، حتى الآن مرحلة الحذر، أبو ذر ما سأل عليًا أين محمد ﵊؟ ولا علي سأل الرجل قال: لماذا جئت؟ كل واحد مازال عنده شيءٌ من الحذر حتى علي ﵁ كان يخشى أيضًا على النبي ﷺ، في النهاية قال علي لـ أبي ذر: أما نال للرجل وفي رواية: أما آن للرجل -ما حان الوقت- أن يعرف منزله؟ فلعل عليًا ﵁ أراد أن يقول له: ما آن لك أن توضح مقصودك؟ أما جاء الوقت الذي تبين لي فيه ما هو القصد من مجيئك إلى مكة؟ يقول أبو ذر: قلت: لا.
في البداية، فلما كان اليوم الثالث عاد علي إلى الكلمة، ما آن للرجل أن يعلم منزله وأن يعلم مقصده، أما آن لك أن توضح لي لماذا جئت إلى مكة؟ فـ أبو ذر ﵁ أخذ عليه العهد والميثاق إن أخبره عن السبب الذي حمله على المجيئ إلى مكة أن يرشده إلى السبب أو إلى المقصد الذي جاء من أجله، فأعطاه علي ﵁ العهد والميثاق، فأخبره أنه يريد أن يرى ويقابل النبي ﷺ.
فـ علي ﵁ حتى لا يؤذي أبا ذر أو النبي ﵊؛ بسبب أنه أتى من الخارج، ومعنى ذلك أن الدعوة فيها اتساع حتى أنها خرجت خارج مكة، وهذه مصيبة بالنسبة لكفار قريش أن تخرج الدعوة خارج مكة، ويصبح لها أنصار في القبائل.
فيقول لـ أبي ذر: اتبعني أنت وإذا رأيت شيئًا يريبني سأقوم كأني أصلح نعلي، فتعرف أن الوضع فيه خطر فنتوقف عن إكمال المشوار، ودخل في النهاية ومشى وراءه ودخل معه على النبي ﷺ فدل علي ﵁ أبا ذر على النبي ﷺ.
تفاصيل اللقاء وردت في رواية عبد الله بن الصامت قال: قلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، يقول أبو ذر: فكنت أول من حياه بالسلام، قال: من أين أنت؟ قلت: من بني غفار، قال: فوضع يده على جبهته، فقلت: كره أن انتميت إلى غفار، لماذا وضع يده على جبهته؟ وسأله عن مكوثه في مكة كيف كان يطعم؟ وأخبره أبو ذر ﵁ أنه جلس في مكة ثلاثين يومًا قبل أن يراه حتى فطن إليه علي ﵁ وأتى به.
وأنه سأله على أي شيء كان يعيش؟ فأخبره أن كان يشرب من زمزم فقط، وأنه استغنى بها عن الطعام والشراب ثلاثين يومًا وليلة، وأنه تكسرت عكن بطنه؛ لأن الإنسان إذا سمنت بطنه يكون له عكن تظهر من الجانبين ومن الخلف يقسمها العمود الفقري.
وقد قال أحد الصحابة: يا رسول الله! إذا فتح الله عليكم الطائف فعليك ببنت غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان.
أي: أنها سمينة بنت نعمة، قوية على العمل، وكانت هذه الصفات مرغوبة في المرأة في ذلك الوقت، لا يحبون النحيلة فإنها تقبل بأربع يعني: من الأمام من سمنها وامتلاء جسمها لها أربع عكن من الأمام وتدبر بثمان يعني: من الخلف إذا ولت الأربع التي من الأمام تكون أربع على الجنب الأيمن وأربع على الجنب الأيسر وفي الوسط العمود الفقري، هذا معنى تدبر بثمان.
فالشاهد أن السمن يؤدي إلى وجود العكن في البطن وهي الإنثناءات، فـ أبو ذر ﵁ أنه جلس شهرًا عند ماء زمزم واستغنى بها عن الطعام والشراب، حتى سمن وتكسرت عكن بطنه، صار له انثناءات، فقال له أبو بكر ﵁: ائذن لي يا رسول الله في طعامه الليلة، وأن أطعمه من زبيب الطائف.
فحصل أن أبا ذر جاء معه بزادٍ أولًا من قومه؛ فلما فرغ الزاد أقام بـ مكة عند ماء زمزم، ثم حصل التعرف على النبي ﷺ، فالنبي ﵊ أسمعه كلامه وأسمعه القرآن وأسلم أبو ذر ﵁.
ماذا قال له ﵊؟: (ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري).
قال: اكتم هذا الأمر وارجع إلى قومك فادعهم إلى الإسلام، فإذا بلغك ظهورنا على أعدائنا فأقبل، وفي رواية أنه قال له: (إني قد وجهت لي أرضٌ ذات نخلٍ -يعني: سأهاجر إلى أرض ذات نخل- فهل أنت مبلغ عني قومك عسى الله أن ينفعهم بك؟) فذهب أبو ذر ﵁ وحصل أن أسلم معه أخوه أُنيس وأمهما وتوجهوا إلى غفار، فأسلم نصفهم بسبب دعوة أبي ذر الغفاري، عندما قال النبي ﷺ لـ أبي ذر: اخرج إلى قومك وقال: اكتم هذا الأمر رفض أبو ذر أن يكتمه وقال: لأصرخن بها -أي: كلمة التوحيد- بين ظهرانيهم.
أي: بين المشركين جهارًا، فكأنه فهم أن توجيه النبي ﵊ له بأن يكتم الأمر هذا ليس على الوجوب، وإنما كأن النبي ﵊ قال له هذا من إشفاقه عليه، فأراد أبو ذر أن يأخذ بالعزيمة وليس بالرخصة، وأن يعلن فأعلنها.
وكذلك فإنه لما قام وأعلن هذا، قامت قريش فقال بعضهم لبعض: قوموا إلى هذا الصابئ الذي غير دينه وانتقل إلى دين آخر، فضربوه حتى أوجعوه وقال: فضربت لأموت.
أي: حتى أوشكت على الموت، وفي رواية: أنه أغمي عليه فارتفع حتى صار كالنصب الأحمر.
أي: مثل التمثال الأحمر من كثرة الدماء التي سالت بسبب ضربه، فأنقذه؟ العباس ﵁، قال لهم: طريق تجارتكم يمر على بني غفار فإذا سمعوا أنكم ضربتم صاحبهم، نهبوا قوافلكم حتى تركوه، وفي اليوم الثاني فعل أيضًا كذلك، وفي هذا دلالة على قوته ﵁.
2 / 3