Series of Lanterns of Guidance

Muhammad Hassan d. Unknown
79

Series of Lanterns of Guidance

سلسلة مصابيح الهدى

Nau'ikan

طعام عمر أمير المؤمنين ولقد زاره يومًا حفص بن أبي العاص ﵁ وأرضاه، ووجد عمر بن الخطاب جالسًا إلى غدائه، ودعا عمر حفصًا أن يتناول الغداء معه، فنظر حفص إلى طعام أمير المؤمنين، فوجد خبزًا يابسًا وزيتًا، وكان حفص ذكيًا، فلم يشأ حفص أن يتعب معدته في هضم هذا الطعام الشديد، وفطن عمر بن الخطاب إلى سر عزوف حفص، فقال له سائلًا: ما الذي منعك أن تتناول معنا الطعام يا حفص؟ ولم تنقص الصراحة حفصًا، فقد كانوا أتقياء أصفياء، لا يجيدون لغة الكذب واللف والدوران والمنافقة والمداهنة، قال له حفص بن أبي العاص: إنه طعام خشن يا أمير المؤمنين! ولسوف أرجع إلى بيتي لأنال طعامًا طيبًا لينًا قد صنع وأعد لي، فقال عمر: يا حفص! أتراني عاجزًا أن آمر بصغار الماعز فيلقى عنها شعرها، وبرقيق البر فيخبز خبزًا رقاقًا، وبصاع من الزبيب يوضع في كنية من السمن، فآكل هذا وأشرب هذا؟! فقال حفص: والله إنك بطيب الطعام لخبير يا أمير المؤمنين! فقال عمر بن الخطاب: والذي نفسي بيده! لو أردت أن أكون أشهاكم طعامًا وأرفهكم عيشًا لفعلت، أما إني لأعلم بطيب الطعام من كثير من آكليه! ولكني تركت هذا ليوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، وإني سمعت الله تعالى يقول عن أقوام: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا﴾ [الأحقاف:٢٠]، فإني أخاف أن أقدم طيباتي في الدنيا ولا يكون لي عند الله في الآخرة! وفي عام الرمادة: العام السابع عشر، وكان عام مجاعة قاتلة في المدينة المنورة، حرم عمر على نفسه اللحم وغيره من أنواع الطعام الشهي، وأبى إلا أن يأكل الزيت، وأمر في يوم من أيام هذا العام القاتل بذبح جزور وتوزيعه على الناس في المدينة، وعند وقت الغداء دخل ليتناول طعامه، فوجد أشهى ما في الجزور من لحم، فقال: من أين هذا؟! فقالوا: إنه من الجزور الذي ذبح اليوم يا أمير المؤمنين! فقال -وهو يزيح الطعام عن مائدته بيده المباركة-: بخ بخ! بئس الوالي أنا إن أكلت طيبها وتركت للناس كراديسها، يا أسلم! ارفع عني هذا الطعام، وائتني بخبزي وزيتي! فوالله إن طعامكم هذا علي حرام حتى يشبع منه أطفال المسلمين. أي عظمة! أي طراز من البشر كان عمر! يا رافعًا راية الشورى وحارسها جزاك ربك خيرًا عن محبيها رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها جوع الخليفة والدنيا بقبضته في الزهد منزلة سبحان موليها يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها من أين لي ثمن الحلوى فأشريها ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى فقومي لبيت المال رديها كذاك أخلاقه كانت وما عهدت بعد النبوة أخلاق تحاكيها

7 / 5