وفاة أم المؤمنين زينب ﵂
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الأحبة: هكذا تزوج النبي ﷺ زينب بنت جحش ﵂ وأرضاها التي قالت عنها عائشة كما ذكرت وخرجت الحديث آنفًا؛ لقد بلغت زينب الشرف الذي لا يبلغ في هذه الدنيا، فلقد زوجها الله نبيه ﷺ، وذكر ذلك في القرآن، وسيظل القرآن يتلى إلى يوم القيامة.
وأخبرنا النبي ﷺ: (أسرعكن لحاقًا بي أطولكن يدا)، وفي صحيح مسلم تذكر عائشة ﵂ أن النبي لما ذكر لهن ذلك كن يقسن أذرعتهن على الحائط، ولكن النبي كان يقصد شيئًا آخر، كان يقصد بأطولكن يدًا أي: بأعظمكن صدقة وإنفاقًا على الفقراء والمساكين، وكانت هي زينب بنت جحش ﵂ وأرضاها، والتي أخبرنا النبي ﷺ بقوله: (أسرعكن لحاقًا بي أطولكن يدًا) فبشرها النبي ﷺ بسرعة لحوقها به وهي زوجته في الجنة.
وفي الثالثة والخمسين من عمرها، وفي السنة العشرين من الهجرة تنام زينب ﵂ على فراش الموت وكأنها كانت قد استعدت للقاء الله، فأعدت كفنها إلى جوارها فنظرت إلى أهلها وقالت: [أعلم أن عمر بن الخطاب سيرسل لي كفنًا آخر وهذا كفني قد أعددته، فإن أرسل لي عمر كفنًا فتصدقوا بأحدهما] وفاضت روحها لتسعد بعد ذلك سعادةً لا تشقى بعدها أبدًا بصحبة نبيها وزوجها الحبيب محمدٍ ﷺ في الجنة ﴿فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ [القمر:٥٤-٥٥] رضي الله عن زينب، وشكر الله لها طاعتها لله ولرسوله فأبدلها الله بذلك خيرًا في الدنيا والآخرة وزوجها رسول الله ﷺ، وبأن تكون معه في جناتٍ تجري من تحتها الأنهار في جنات النعيم في الدار الآخرة.
فرضي الله عن زينب، وصلى الله على أستاذها ومعلمها ونبيها، وأسأل الله جل وعلا أن يجمعنا به في دار كرامته ومستقر رحمته إنه ولي ذلك ومولاه.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم لا تدع لأحدٍ منا ذنبًا إلا غفرته، ولا مريضًا إلا شفيته، ولا دينًا إلا أديته، ولا همًا إلا فرجته، ولا ميتًا إلا رحمته.
5 / 12