اجتماع الأمة على معاوية
ولما مات علي ذهب الناس إلى الحسن ليبايعوه، فبايعوا الحسن بن علي ﵁ وأرضاه، إلا أن الحسن تعالى على كل هذه الدماء والأشلاء، وحقن دماء المسلمين، وحقق ما قاله من قبل الصادق المصدوق ﷺ، فتنازل الحسن عن الأمر لـ معاوية بن أبي سفيان ﵃ جميعًا وحقن الحسن الدماء، وانتقل الملك إلى معاوية بن أبي سفيان ﵁ وأرضاه، ليحقق الحسن دليلًا من دلائل النبوة الخالدة كما ورد في الحديث الذي رواه البخاري، أن النبي ﷺ صعد يومًا على المنبر وأجلس إلى جانبه الحسن بن علي ثم نظر النبي إلى الناس ونظر إلى الحسن وقال: (أيها الناس! إن ابني هذا سيد سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)، بأبي هو وأمي ﷺ.
وأصلح الحسن بين فئتين عظيمتين من المسلمين، بل وحكم الله جل وعلا للفئتين بالإيمان إلا من مرق من مارقة فرق الضلال والباطل من الخوارج والشيعة وقتلة عثمان وغيرهم؛ فقال سبحانه: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ - فلم يخرجهم بالقتال والحرب من دائرة الإيمان، بل ولا من دائرة الأخوة- اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات:٩]، ويحكم الله لهم جميعًا بالأخوة فيقول جلا وعلا: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الحجرات:١٠] .
أحبتي في الله: أختم هذا اللقاء الساخن بهذه العبارة حتى لا تنسى وأقول: هذه فتنة عظيمة سلمت منها أيدينا فلتسلم منها ألسنتنا، وحذار أن نكون من الخائضين، وأن نكون من الهالكين بخصومة أصحاب رسول الله يوم القيامة أمام رب العالمين.
أسأل الله جل وعلا أن يتجاوز عنا وعنهم بمنه وكرمه، وأن يغفر لنا ولهم وأن يجزيهم عنا خير الجزاء.
اللهم ارض عن أبي بكر وعثمان وعمر وعلي، اللهم ارض عنهم يا رب العالمين، وتجاوز عنا وعنهم بكرمك وأنت على كل شيء قدير.
اللهم اجمعنا بهم في دار كرامتك ومستقر رحمتك، مع إمام الهدى ومصباح الدجى وإمام النبيين وخاتم المرسلين محمد ﵊.
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمتي الحق والدين.
اللهم اجمع شملهم.
اللهم وحد صفهم، وزلزل الأرض من تحت أقدام أعدائهم بقدرتك يا أرحم الراحمين.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وما كان من توفيق في هذا اللقاء فمن الله جل وعلا وحده، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.
1 / 14