Series of Lanterns of Guidance

Muhammad Hassan d. Unknown
100

Series of Lanterns of Guidance

سلسلة مصابيح الهدى

Nau'ikan

علم ابن مسعود في ليلة مظلمة يلقى عمر بن الخطاب ﵁ ركبًا يضم هذا الرجل المبارك، ويخيم الليل بظلامه فيحجب الركب عن عمر ﵁، فيسأل عمر بن الخطاب: من أين القوم؟ فيجيبه هذا الرجل المبارك من وسط هذا الركب الكريم قائلًا: من الفج العميق! فيسأل عمر: إلى أين تريدون؟ فيجيب الرجل: البيت العتيق، فيعي عمر الأمر فيقول: إن في الركب عالمًا. وأنصتوا بالسمع وأحضروا القلب إلى هذا الحوار الكريم بين فاروق الأمة وبين هذا الرجل العظيم المبارك. فيسأل عمر: أي القرآن أعظم؟ فيجيب الرجل من وسط الركب: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ﴾ [البقرة:٢٥٥] . فيسأل عمر: أي القرآن أحكم؟ فيجيب الرجل المبارك من وسط الركب الكريم قائلًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النحل:٩٠] . فيسأل عمر: أي القرآن أجمع؟ فيجيب الرجل: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾ [الزلزلة:٧-٨] . فيسأل عمر: فأي القرآن أخوف؟ فيجيب الرجل المبارك: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾ [النساء:١٢٣] . فيسأل عمر: أي القرآن أرجى؟ فيجيب الرجل: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر:٥٣] . فينادي عمر قائلًا: أفيكم عبد الله بن مسعود؟! -إنه الغلام المعلم، والفقيه المفهم، والقارئ الملقن- فيجيب الركب قائلًا: اللهم نعم. هذا هو الذي سنسعد في صحبته في هذا اللقاء أيها الأحبة! والحق أقول: لقد صحبت التاريخ طوال الأيام الماضية لأدرس حياة عبد الله بن مسعود عن قرب فأذهلتني شخصيته، إنه رجل عجيب، جمع من الخصال الكريمة والصفات الحميدة ما لم يجتمع إلا في القليل النادر من الصحب الكرام ﵃ جميعًا، إنه رجل شامل، هذا الرجل أهلته صحبته الطويلة لرسول الله ﷺ التي كانت -أي: هذه الصحبة- منبع علومه، وأم معارفه، ومداد تحصيله، أخذ القرآن والسنة من فم رسول الله ﷺ، لذا رأيناه من أكبر ومن أعلم الصحابة بكتاب الله، بل ورأيناه مفسرًا من أعظم مفسريهم، ومحدثًا من أكابر محدثيهم، ومعلمًا فريدًا بين معلميهم، بل وفقيهًا كبيرًا بين فقهائهم، بل ووزيرًا صادقًا أمينًا بين وزرائهم.

9 / 3