Series of Ambitions - The Prelude

Mohammad Ismail Al-Muqaddim d. Unknown
8

Series of Ambitions - The Prelude

سلسلة علو الهمة - المقدم

Nau'ikan

ارتفاع الهمة على العمل وهناك أمر آخر من خواص الهمة، وهو أن همة المؤمن أبلغ من عمله؛ فالإنسان يحصل بالهمة أمورًا عظيمة جدًا لا يستطيع أن يحصلها بعمله، يقول النبي ﵌: (من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة). فهذا ثواب الهمة وقال ﷺ: (من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه)، أي: ينال منازل الشهداء وإن مات على فراشه بصدق الهمة. وقال ﷺ فيمن تجهز للجهاد ثم أدركه الموت: (قد أوقع الله أجره على قدر نيته). وقال ﷺ في حق المتخلفين عن غزوة تبوك من الحريصين على الخروج معه: (إن بالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم؛ حبسهم العذر). فهؤلاء همتهم موجودة، لكن وجد عائق أعاقهم عن الخروج؛ وذلك لأن الرسول ﵊ لم يكن عنده ما يحملهم عليه، فبالهمة نالوا الثواب، وشركوهم في الأجر. وقال ﷺ: (ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه). قوله: (ما من امرئ تكون له صلاة بليل)، يعني: أن عادته أن يقوم الليل، وقوله: (فغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه)، أي: أنه أثيب بهمته وبنيته، فليس الشأن فيمن يقوم الليل، إنما الشأن فيمن ينام على فراشه ثم يصبح وقد سبق الركب بعلو همته وطهارة قلبه وقوة يقينه وشدة إخلاصه، وفي ذلك قيل: من لي بمثل سيرك المدلل تمشي رويدًا وتجي في الأول وما أحسن قول الشاعر مخاطبًا الحجيج وقد انطلقوا للحج: يا راحلين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسومًا وسرنا نحن أرواحا إنا أقمنا على عذر وعن قدر ومن أقام على عذر فقد راحا فالمؤمن ما دامت عنده الهمة فهو يطمع في أن ينال نفس الثواب، وقد يتفوق المؤمن بهمته العالية، كما بين ذلك الصادق المصدوق ﷺ في قوله: (سبق درهم ألف درهم). يعني: أن رجلًا تصدق بدرهم، ورجلًا آخر تصدق بألف درهم، فالذي تصدق بدرهم نال ثوابًا أعظم من ثواب الذي تصدق بألف درهم، فما الذي أوجد هذا الفرق بينهما؟ إنها الهمة، ولذا: (قالوا: يا رسول الله! كيف يسبق درهم ألف درهم؟ قال: رجل كان له درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به، وآخر له مال كثير فأخذ من عرضه ألف درهم)، يعني: أن الرجل الأول عنده درهمان، فاستبقى لنفسه درهمًا واحدًا، وأنفق شطر ما يملك، ولا شك أن هذه همة عالية، وأما الآخر فعنده مال كثير جدًا، فأخذ من جانب الثروة الطائلة كمية، فتصدق بها، فالتفاوت الذي حصل بينهما إنما كان بسبب الهمة.

1 / 8