Series of Ambitions - The Prelude
سلسلة علو الهمة - المقدم
Nau'ikan
مرض سقوط الهمة أعراضه وصوره
حديثنا هو عن حال الأمة عند سقوط الهمة، وعن أسباب الارتقاء بالهمة، وأسباب انخفاضها.
لا شك أن سقوط الهمة مرض، وكل مرض له أعراض تشير إلى حدوثه وتمكنه من هذا الإنسان، فأصل الأمراض التي تفشت في أمتنا هو سقوط الهمة، وضعف الإرادة؛ فدائمًا ما يتحالف سقوط الهمة مع الهوان والذل والصغار، كما قال ﵌: (وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري) سواء كانت مخالفة الأمر من المسلم العاصي أو من الكافر الذي لا يؤمن برسول الله ﷺ؛ فكل من حاد عن منهج الله ومنهج رسوله ﷺ فلابد له من الذل، كما قال ﵎ أيضًا: ﴿أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [النساء:١٣٩].
وقال ﵎ أيضًا: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [المنافقون:٨].
وقال ﷺ: (ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا).
إذًا: الذل ثمرة طبيعية وعرض من أعراض مرض سقوط الهمة؛ فسقوط الهمة وضعف الإرادة هو أصل الأمراض التي تفشت في أمتنا، فنحن نجد كثيرًا من الناس يريد أن يتوب -سواء على المستوى الفردي أو الجماعي- ويريد أن يستقم، ومع ذلك لا يحصل تغير في حاله؛ لضعف الهمة عنده.
ونرى رجلًا يسقط صريعًا بالتدخين أو بالإدمان أو الخمر أو غيرها من المعاصي فنفسه تؤنبه وتلومه، ويريد أن يخرج من هذا الوحل، فما الذي يمنعه من أن يخرج وهو يعرف أضرار التدخين، ويرى ضحاياه، ويرى السرطان الذي يحصل بسبب التدخين، ومع ذلك لا يتحرر من هذا الأسر، وليس هذا بسبب ضعف العلم؛ فعنده علم كاف بضرر هذه الأشياء، وعنده علم بحكمها الشرعي، ولكن ليست هناك همة، وليس هناك يقين وإرادة كافية ينهض بها من هذه الوحلة أو من هذه الحفرة.
فهذا المرض هو الذي أورث أمتنا في هذا الزمان قحطًا في الرجال، وجفافًا في القرائح، وتقليدًا أعمى، وتواكلًا وكسلًا واستسلامًا لما يسمى بالأمر الواقع، فالمسلم لا يعترف بشيء اسمه الأمر الواقع، فالأمر الواقع هو شرع الله ﷾، أما ما يسمى بالأمر الواقع فكما أن الباطل جعله واقعًا فالحق قادر على أن يصلح هذا الأمر ويعالجه ويجعل الحق هو الأمر الواقع.
15 / 2