السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، يُخبِرُ جلَّ وعلا أنَّه هو الحيُّ الباقي، وأنَّ ما سِواهُ هالكٌ، كما في قولِه تعالى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ﴾، فهو الأوَّلُ قبلَ كلِّ شيءٍ، وهو الآخرُ بعدَ كلِ شيءٍ (^١).
س: الرجاء شرح الحديث الشريف: «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ...» إلخ الحديث؟
ج: ثبتَ من حديثِ أبي هريرةَ ﵁: أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ»، رواهُ البخاريُّ، ومسلمٌ، هذا الحديثُ بيَّنَ فيه المصطفى ﷺ أنَّ الأرواحَ مخلوقةٌ على الائتلاف، والاختلافُ كالجنودِ المجنَّدة إذا تقابلتْ وتواجَهتْ، وذلك على ما جَعَلَها عليه من السَّعادةِ والشَّقاوة، والأجسادُ التي فيها الأرواحُ تلتقي في الدُّنيا؛ فتأتلفُ وتختلفُ على حسبِ ما جُعِلَتْ عليه من التَّشاكُلِ والتَّناكُر، فترىَ البرَّ الخيِّرَ يُحبُّ مثلَهُ ويَميلُ إليه، والفاجرَ يألفُ شكلَهُ ويميلُ إليه، وينفِرُ كلٌّ عن ضدِّه، ونُقل في «الفتح» عن الخطَّابيِّ أنَّه قال: يُحتملُ أن يكونَ إشارةً على معنى التَّشاكُلِ في الخيرِ والشَّرِّ، والصَّلاحِ والفسادِ، وأنَّ الخَيِّرَ من النَّاسِ يحنُّ إلى شكلِه، والشِّرِّيرَ نظيرُ ذلك يميلُ إلى نظيرِه، فتعارفُ الأرواحِ يقعُ بحسبِ الطِّباعِ التي جُبِلَتْ عليها من خيرٍ وشرٍّ، فإذا اتَّفقتْ؛ تعارفت، وإذا اختلفتْ؛ تناكرت (^٢).