Secularism - Liberalism - Democracy - Civil State in the Balance of Islam
العلمانية - الليبرالية - الديمقراطية - الدولة المدنية في ميزان الإسلام
Lambar Fassara
الثالثة
Nau'ikan
جمعية الترتيل للخدمات الثقافية والدينية
نشاط التوعية الدينية
إصدار رقم ٢
العلمانية، الليبرالية، الديمقراطية، الدولة المدنية في ميزان الإسلام
الطبعة الثالثة
جمع وترتيب اللجنة العلمية بجمعية الترتيل
تحت إشراف الشيخ / محمد عبد العزيز أبو النجا
الخبير بمجمع فقهاء الشريعة وعضو الاتحاد العلمي لعلماء المسلمين بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة
قدم له الأستاذ الدكتور / محمد نعيم محمد هاني الساعي
أستاذ الفقه وأصوله وعضو مجمع فقهاء الشريعة وعضو لجنته الدائمة للإفتاء
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم فضيلة الأستاذ الدكتور / محمد نعيم محمد هاني الساعي
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد فإن الشيخ الفاضل الأستاذ العزيز محمد أبو النجا أطلعنا على رسالة لطيفة لجمعية الترتيل الكريمة، قام - حفظه الله تعالى - مشكورا بالإشراف على إخراجها فجاءت على صغر حجمها كبيرة في قدرها غنية بمعانيها، أتت على بعض أهم ما التبس على العامة من مفاهيم ومصطلحات تداعى إليها وعليها أكثر التيارات السياسية المعاصرة في البلدان الإسلامية تتنافى حقائقها وما تأصل وتقعد في فقه الإسلام وشرعه العظيم، وقد ازدادت خطورة تلك التصورات والاصطلاحات الوافدة عندما أصبحت هي البديل الأوفى والأنجع للشعوب المسلمة التي تتصارع لإسقاط الأنظمة الفاسدة التي جثمت على صدورها عقودًا من الزمان، فبدأت تتنسم رياحين التحرر واستعادة
1 / 2
معالم القيمة الإنسانية وكأنها لم تجد ما يشبع نهمتها ويسد حاجتها ويحقق آمالها ويفتح أبواب المستقبل الزاهر أمام أجيال من الشباب المتعطش للبذل والعطاء إلا بعيدا عن شرع السماء وهذي المصطفى – ﷺ – ممسكة بتلابيب ما تشرق وتغرب وتخلق واهترأ من التجارب والتصورات والدساتير الأرضية الوافدة المصنوعة بيد المخلوق الضعيف القاصر.
فكان واجب أهل العلم التسابق لبيان زيف تلك التصورات الوافدة الغريبة عن قوانين الإسلام وتاريخ الأمة وماضيها التليد وذلك بلاغًا عن الله ورسوله – ﷺ – وأداء لواجب البيان والنصح للأمة، فجزى الله القائمين عليها خير الجزاء ونفع بهم العباد والبلاد وتقبل منا ومنهم وألهمنا وإياهم السداد والرشاد وجعلنا وسائر المسلمين العاملين من المجددين لدينه والمحبين لنهج نبيه وحبيبه – ﷺ –، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتبه
محمد نعيم محمد هاني الساعي
ليلة الأربعاء – القاهرة المحروسة
٢٢/ ٣ / ٢٠١١
1 / 3
مقدمة اللجنة العلمية
الحمد لله العلي الكبير، وأشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له الحكيم الخبير، أنزل القرآن، وأمر بالإيمان، وجعل الإسلام الدين الثابت الأركان، وفرض الدخول فيه كافة على الكافة من الإنس والجان، وحكم على كل منهج يعارضه أنه ضرب من الشرك والعصيان، وتخليط من الهذيان، واتباع للشيطان، وسبيل إلى الضلال والخسران.
وأشهد أن محمدا - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - عبد الله ورسوله، أرسله بالمحجة البيضاء، والملة السمحاء، فأتى بأوضح البراهين لأقوم دين، وأبان محجة السالكين، وحكم على كل من عصاه وخالف منهجه أنه من لاضالين الخاسرين.
1 / 4
وبعد:
قد كثر في هذه الأيام العصيبة ترديد كلمة (الدولة المدنية)، (الديمقراطية)، (الليبرالية، العلمانية)؛ ذلك لأن فساد البلاد في السنين الماضية أدَّى إلى أن يعتلي منابر الدولة من إعلام ومؤسسات ثقافية ثلة من العلمانيين الذين ابتعدوا عن نهج رب العالمين، ولهم دعوة واضحة يريدون أن يجعلوها الآن على أرض الواقع ويغيروا هوية مصر الإسلامية.
دعوتهم ترك الاحتكام إلى الشريعة الإلهية، وإلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، دعوتهم الهبوط من سمو الأخلاق الإسلامية إلى حضيض الرذائل البهيمية تحت شعار الحرية الشخصية، دعوتهم حصر الدين في المسجد وإلغاؤه
1 / 5
من حياة الناس، يصفون أحكام رب البرية بالتخلف والرجعية، فلما كان الأمر كذلك؛ رأينا أن نكتب هذه الرسالة الموجزة بعبارة قريبة من القارئ العاادي مبينين حقيقة هذه المذاهب الضالة ومواطن السم القاتل في هذه المذاهب، واضعين بين يدي القارئ ما الذي سيؤدي إليه انجراف المسلمين وراء هذه المذاهب في هذه الأيام العصيبة؛ وذلك لتستبين سبيل المجرمين، وليهلك من هلك عن بينة، ولإقامة الحجة وبيان المحجة، وليقذف الله بإذنه بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، وبين يديك أخي الكريم الطبعة الثالثة التي تتميز بوضع فصل في محاسن الشريعة الإسلامية وبعض الزيادات النافعة بإذن الله، ولله الحمد فهو الموفق وهو المستعان يقبل القليل ويبارك عليه.
اللجنة العلمية بجمعية الترتيل.
1 / 6
العلمانية
يطلق هذا الفكر في اللغة الإنجليزية (Secularism) وتعني اللادينية أو الدنيوية، غير أنها اشتهرت باسم العلمانية ولعل ذلك كان مقصودًا بغية إظهارها بمظهر يجعلها مقبولة بين المسلمين؛ لأن العلم في اللغة الإنجليزية (Science) والمذهب العلمي (Scientism) وهذا تلبيس شديد حتى يفهم الناس أن هذا المذهب المقصود به العلم والانفتاح العلمي، وليس هذا هو المراد.
والعلمانية في قاموس (أكسفورد): مفهوم يرى ضرورة أن تقوم الأخلاق والتعليم على أساس غير ديني.
وترجع جذور هذا الفكر الذي نشأ في أوروبا نتيجة الظلم حيث طغى رجال الكنيسة بدينهم المحرف
1 / 7
وسيطروا على الحكام والمجتمعات وأرادوا السيطرة على حقائق العلم فنفوا من هذه الحقائق ما خالف تصوراتهم، وأقيمت على الشعوب هناك مذابح دموية وسميت بمحاكم التفتيش قتل فيها النساء والرجال بالآلاف، ومما يذكر من آلات التعذيب آلات كسر العظام وتقطيع الأطراف وانتزاع أثداء النساء وخلع الأظفار وكلاليب التعليق وقطع الألسنة وألوان شتى من ألوان التعذيب.
وقد صاحب هذا فساد في أحوالهم الدينية، فصكوا صكوك الغفران وزعموا أنه لا تقبل عبادة العباد إلا من خلال رجال الكنائس.
ورويدا رويدا بدأ التململ والتذمر الذي انتهى بالثورة والتي من أبرزها الثورة الفرنسية التي آلت على نفسها محاربة الملكية وتسلط القساوسة معا
1 / 8
بتطرف يلخصه شعارها (اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس) أي تخلصوا من كل الملوك ورجال الدين.
ثم قامت الثورة بحصار على الدين في شعائر تعبدية فقط لا علاقة لها بالحياة، وأقامت حضارتها على المادية المحضة وفي اعتقادها أن العلم ضد الدين.
وللعلمانية أركان ثلاثة:
١ - قصر الاهتمام الإنساني على الدنيا فقط وتأخير منزلة الدين في الحياة، فلا يصح أن يتدخل الدين في الحياة العامة بل هو محصور في المسجد فقط.
٢ - فصل العلم والأخلاق والفكر والثقافة عن الالتزام بتعاليم الدين - أي دين كان – فالأخلاق والمبادئ عندهم من الأمور النسبية، بينما هي في الإسلام من الأمور الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل، فالزنا مثلا في الإسلام حرام ومناف للأخلاق من عهد النبي – ﷺ –
1 / 9
إلى يوم القيامة، أما في العلمانية فالأمر نسبي فلا حرج طالما أن الاثنين متفقان على هذا.
٣ - إقامة دولة ذات مؤسسات سياسية على أساس غير ديني.
آراء العلمانيين في مذهبهم:
فإذا سألت العلماني: هل أنزل الله تعالى دين الإسلام ليكون هاديًا لنا في كل أمور حياتنا فلا يجوز لنا أن نرفض شيئًا منه؟ فإن جوابه لا يخرج عن ثلاثة احتمالات:
١ - أن يفر من الجواب.
٢ - أو يقول بوضوح وصراحة: إن الدين يجب أن نعزله عن السياسة والثقافة والفكر وعن حياتنا الاجتماعية، وقد يكون لطيفًا فيقول: إن الدين علاقة بين الإنسان وربه ولا يخرج عن أن يكون مسألة شخصية.
1 / 10
يقول يوسف القعيد: "إن مفهومي الشخصي للدين هو المسجد أو الكنيسة أو المعبد". وتقول منى مكرم عبيد رئيسة لجنة العلاقات الخارجية بحزب الوفد: "لابد أن تتصدى الدولة لدعاة الدولة الدينية". أما مصطفى الفقي عضو مجلس الشورى فيريد أن يضع الدين في مكانه المقدس كما يقول: "دون الهبوط به إلى صراعات السياسة". وهذا معناه كما يقولون: لا سياسة في الدين، ولا دين في السياسة، فأحكام الله تعالى التي في قرآنه أو سنة نبيه ﷺ – نضرب بها عرض الحائط ولا نأخذ منها إلا أحكام الوضوء والصلاة والعبادة!!!
٣ - أو يقول العلماني: إن الدين كله حق والاحتكام إليه واجب ولكن أين الذين يطبقونه كما أنزل، ثم يأخذ بعد ذلك في الطعن في حَمَلَةِ الدين ويسمونهم بالمتاجرين بالدين ... إلخ، وهو يقصد الطعن في
1 / 11
الدين نفسه، فإذن النتيجة واحدة وهي أنه لا يمكن للناس بحال من الأحوال تحكيم الشريعة الإسلامية في شئون حياتهم.
التقليد الأعمى:
إذن أيها المسلمون هؤلاء العلمانيون يقلدون الغرب تقليدًا أعمى عاريًا عن الفهم والعقل فضلًا عن الدين، فالكنيسة في أوروبا كانت هي الحاكمة على الشعب وعلى السلطة بدين محرف يعذبون ويقتلون، فقامت الثورة على الكنيسة وحجمت الدين في الكنيسة وواجهت الدنيا بهذا الفكر العلماني.
أما في بلاد الإسلام فالمسجد لم يسيطر لا على الحكام ولا على الشعب، بل كان مضطهدًا في كثير من الأحيان، ثم إن شرع الإسلام عظيم فيه صلاح الدنيا والآخرة، فنقول للعلمانيين: هذا تقليد أعمى يؤدي بكم إلى التهلكة إن لم تدرككم رحمة الله.
1 / 12
ضلال العلمانيين:
فالعلماني قد يكون ذلك الشخص الذي يطعن في الدين جهارًا أو يسب القرآن والسنة أو يستهزئ بهما، وقد لا يكون كذلك ولكن يعتقد أنه غير ملزم بإتباع جميع ما جاء عن الرسول ﷺ –، أو يعتقد أنه مخير بين أن يرفض بعض أحكام دين الإسلام، أو يعتقد أن الدين ليس شاملًا لكل لكل الحياة.
فقد يقول لك على سبيل المثال: إن المرأة غير ملزمة بالحجاب الشرعي؛ لأنه لا يصلح لهذا الزمان، أو أن الحدود الشرعية لا تصلح للتطبيق في هذا الزمان؛ لأنها وحشية، أو يقول إن النظام الاقتصادي لابد أن يقوم على الربا.
ونسي هؤلاء المساكين أن الله تعالى قال: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) (الأنعام:٥٧)، (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) (النساء:٧٨)، (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ
1 / 13
بِبَعْضٍ) (البقرة:٨٥)، (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة: ٥٠)، (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة: ٤٤)، (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (المائدة: ٤٥)، (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (المائدة: ٤٧)، (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء:٦٥).
نسي هؤلاء أنهم خالفوا مفهوم الربوبية؛ لأن من معاني كلمة (رب): السيادة والملك، ومن تمام الملك أن ينفذ حكم الملك فيما يملك.
فكما أن لله الخلق فله كذلك الأمر: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف: ٥٤)، فلله الأمر أي الحكم، كما في قوله تعالى:
1 / 14
(فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) (الأعراف:٧٧) أي حكم ربهم.
ونسي هؤلاء العلمانيون أنهم خالفوا مفهوم الألوهية، فالإله هو المعبود والألوهية والعبودية، فالعبادة هي حق الله على خلقه والمطلوب أن يؤدي العبد ما أمره به الله: (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) (الأعراف:٥٩)، فيفرد الله بكمال الخضوع لأمره ونهيه واتباعه فيما أحل وحرم.
1 / 15
الليبرالية
هي وجه آخر من وجوه العلمانية، وهي تعني في الأصل الحرية، غير أن معتنقيها يقصدون بها أن يكون الإنسان حرًا في أن يفعل ما يشاء ويقول ما يشاء ويعتقد ما يشاء ويحكم بما يشاء، فالإنسان عند الليبراليين إله نفسه، وعابد هواه، غير محكوم بشريعة من الله تعالى الذي قال: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام: ١٦٢، ١٦٣)؛ ولهذا فإن الليبرالية لا تعطيك إجابات حاسمة على الأسئلة التالية مثلًا: النظام الإسلامي حق أم لا؟ وهل الربا حرام أم حلال؟ وهل القمار حرام أم حلال؟ وهل نسمح بالخمر أم نمنعها؟، وهل للمرأة أن تتبرج أم عليها أن تتحجب؟، وهل تساوي الرجل في كل
1 / 16
شيء أم تختلف معه في بعض الأمور؟، وهل الزنا جريمة أم علاقة شخصية وإشباع لغريزة طبيعية إذا وقعت برضا الطرفين؟، وما هي القيم التي تحكم المجتمع؟، وهل الإجهاض مسموح أم ممنوع؟، وهل الشذوذ الجنسي حق أم باطل؟، وهل نسمح بحرية نشر أي شيء أم نمنع نشر الإلحاد والإباحية؟.
مبدأ الليبرالية:
فالليبرالية ليس عندها جواب تعطيه للناس على هذه الأسئلة، ومبدؤها العام هو: دعوا الناس كل إله لنفسه وعابد لهواه، فهم أحرار في الإجابة على هذه الأسئلة كما يشتهون ويشاءون، وأما ما يجب أن يسود المجتمع من القوانين والأحكام، فليس هناك سبيل إلا التصويت الديمقراطي، وبه وحده تعرف القوانين التي تحكم الحياة العامة، وهو شريعة الناس لا شريعة لهم سواها.
1 / 17
ولا يقيم الليبراليون أي وزن لشريعة الله تعالى، إذا ناقض التصويت الديمقراطي أحكامها المحكمة المنزلة من الله تعالى، ولا يبالون أن يضربوا بأحكامها عرض الحائط، حتى لو كان الحكم النهائي الناتج من التصويت هو عدم تجريم الزنا، أو عدم تجريم شرب الخمر، أو كان تحليلًا للربا، أو كان السماح بتبرج النساء، أو التعري والشذوذ الجنسي والإجهاض، أو نشر الإلحاد تحت ذريعة حرية الرأي، وكل شيء في المذهب الليبرالي متغير، وقابل للجدل والأخذ والرد حتى أحكام القرآن المحكمة القطعية.
فإذن إله الليبرالية الحاكم على كل شيء بالصواب أو الخطأ حرية الإنسان وهواه وعقله وفكره، وحكم الأغلبية من الأصوات هو القول الفصل في كل شئون حياة الناس العامة، سواء عندهم عارض
1 / 18
الشريعة الإلهية أم وافقها، غير أن العجب كل العجب أنه لو صار حكم الأغلبية هو الدين، واختار عامة الشعب الحكم بالإسلام، واتباع منهج الله تعالى فإن الليبرالية هنا تنزعج انزعاجًا شديدًا، وتشن على هذا الاختيار الشعبي حرب شعواء، فيتشبهون بهؤلاء الذين قال عنهم الله: (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (الزمر:٤٥).
فالليبرالية إذاُ عندما تقول للناس دعوا عبادة الله تعالى واتباع شريعته إلى طاعة وعبادة الهوى والشيطان؛ فهي تدعو إلى الشرك والكفر وفعل الفحشاء والمنكر، وهي عندما تزعم أنه لا يوجد حق مطلق إلا الحرية والتغير؛ فإنها تكفر بثوابت القرآن والسنة وبأحكام الشريعة المحكمة التي أنزلها الله تعالى، والليبرالية عندما تسوي بين دين الله الحق
1 / 19
وغيره من الأهواء الباطلة، وعندما تسوي بين المؤمنين بالله تعالى المتبعين لدينه والكافرين به بزعم أن الجميع سواء في مبدأ الحرية، فهي بذلك تشرع شريعة تناقض شريعة الله تعالى القائل: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ) (السجدة: ١٨)
1 / 20