151

Secularism: Its Rise and Development

العلمانية - نشأتها وتطورها

Mai Buga Littafi

دار الهجرة

Nau'ikan

كان إيمان هؤلاء بالمسيحية متغلغلًا إلى درجة يصعب معها فراقه ولكن كفرهم برجال الدين - أولئك الطغاة المتغطرسين - كان كفرًا صريحًا لا هوادة فيه. ونستطيع أن نقول: إن ما قام به علماء وفلاسفة القرن السابع عشر من هجوم على الدين، ليس في حقيقته سوى اندفاع أعمى، ورد فعل غير موجه هدفه الانفكاك من ربقة الكنيسة والتحرر من عبوديتها، فلم يكن همهم "إلى أين نتجه؟ " بقدر ما كان "كيف نهرب؟ ". ولكن التأثيرات والايحاءات الفلسفية لنظرية نيوتن أسهمت في إيجاد فكر لا ديني منظم ينتهج طرائق محددة، وإن كان قد ظل مشوبًا بالتعصب والسلبية، مندفعًا في مهاجمة الكنيسة ومعتقداتها. ولعل من الصواب أن نقول: إن نظرية نيوتن لم تمهد فكريًا للثورة الفرنسية فحسب، بل إنها قطعت نصف الطريق إلى داروين أيضًا. والكلام عن آثار النيوتونية ينقلنا إلى القرن الثامن عشر الذي كان دخوله إيذانًا بأفول نجم الكنيسة وولادة آلهة جديدة لا كنائس لها. ثانيًا: القرن الثامن عشر: يتميز القرن الثامن عشر بظهور روح الشك العام في كل شيء تقريبًا، ومع ذلك فقد ظهرت فلسفات إيجابية متنوعة يدور محورها حول كلمتين، هما في الواقع صنمان استحدثهما الهاربون من نيران الكنيسة، ليحلا محل إلهها المخيف، وهما: "العقل والطبيعة". أما العقل فلم يعد مقيدًا بأغلال الثنائية الديكارتية، بل بدأ يبحث عن ذاته ويسلك طريقه

1 / 158