Secrets of Eloquence - Ed. Mahmoud Shaker

Abd al-Qahir al-Jurjani d. 471 AH
85

Secrets of Eloquence - Ed. Mahmoud Shaker

أسرار البلاغة - ت محمود شاكر

Mai Buga Littafi

مطبعة المدني بالقاهرة

Inda aka buga

دار المدني بجدة

Nau'ikan

فصل إن قال قائل: إنّ تنزيل الوجود منزلةَ العدم، أو العدِم منزلةَ الوجود، ليس من حديث التشبيه في شيء، لأن التشبيه أن تثبت لهذا معنًى من معاني ذاك، أو حُكمًا من أحكامه، كإثباتك للرجل شجاعة الأسد، وللحُجة حكم النُّور، في أنك تفصل بها بين الحق والباطل، كما يُفصل بالنور بين الأشياء، وإذا قلت في الرجل القليل المعاني: هو معدوم، أو قلت: هو والعدم سواء، فلست تأخذ له شبهًا من شيء، ولكنك تنفيه وتُبطل وجوده، كما أنك إذا قلت: ليس هو بشيء أو ليس برجل، كان كذلك، وكما لا يسمّى أحدٌ نحوَ قولنا: ليس بشيء تشبيهًا، كذلك ينبغي أن لا يكون قولك: وأنت تقلِّل الشيءَ أُخبرت عنه معدومٌ تشبيهًا، وكذلك إذا جعلت المعدوم موجودًا كقولك مثلًا للمال يذهب ويفنَى ويُثمر صاحبهُ ذكرًا جميلًا وثناءً حسنًا: إنه باقٍ لك موجود، لم يكن ذلك تشبيهًا، بل إنكارًا لقول من نفى عنه الوجود، حتى كأنك تقول: عينُه باقية كما كانت، وإنما استَبْدَل بصورة صورةً فصار جمالًا، بعد ما كان مالًا، ومكارمَ، بعد أن كان دراهم، وإذا ثبت هذا في نفس الوُجود والعدم، ثبت في كل ما كان على طريق تنزيل الصفة الموجودة كأنها غير موجودة، نحو ما ذكرت من جعل الموت عبارةً عن الجهل، فلم يكن ذلك تشبيهًا، لأنه إذا كان لا يُرَاد بجعل الجاهل ميّتًا إلا نفْي الحياة عنه مبالغةً، ونفيُ العلم والتمييز والإحساس الذي لا يكون إلا مع الحياة، كان محصوله أنك لم تعتدُّ بحياته، وتركُ الاعتداد بالصفة لا يكون تشبيهًا، إنما نفيٌ لها وإنكارٌ لقول من أثبتها،

1 / 87