وحملق ذو الوجه الملائكي في «كاناليس» بصمت، يسائل نفسه سؤالا مختلفا تماما: «كيف يكون لمثل هذا الرجل الجبان الكريه أية صلة بكميلة؟»
واستطرد «خوان كاناليس» قائلا وهو يخرج منديلا من جيبه بصعوبة بالغة ويجفف به قطرات العرق الكثيفة التي تدحرجت على جبهته: «لقد أشيع، لقد قالوا ذلك لزوجتي على أية حال، إنهم يريدون توريطي في جريمة مقتل الكولونيل «باراليس سونرينتي»!»
فقال الرجل الآخر باقتضاب: «لا علم لي بذلك». - إن ذلك ظلم. وكما سبق أن قلت منذ لحظة، لقد عارضت أنا وزوجتي سلوك أخي «إيوسبيو» منذ البداية. وإلى جانب هذا، لا أدري ما إذا كنت تعلم ذلك أم لا، فإنني لم أكن أقابل أخي مؤخرا إلا نادرا. يكاد يكون ولا مرة. ولا مرة في الواقع. كنا نتقابل كأننا غريبان. «صباح الخير، صباح الخير، مساء الخير، مساء الخير، هذا هو كل شيء، مع السلامة، مع السلامة، هذا هو كل شيء.»
كان صوت السيد «خوان» مهتزا. ورأت زوجته، التي كانت تتابع الزيارة من وراء ستار، أن الوقت قد حان لأن تنهض لمساعدة زوجها.
وهتفت وهي تدخل وتومئ برأسها مع ابتسامة مؤدبة لذي الوجه الملائكي: «هلا قدمتني للسيد «يا خوان؟» فقال زوجها الذاهل: أجل، بالطبع. اسمح لي بأن أقدم زوجتي إليك!» - «جوديث دي كاناليس.»
وسمع ذو الوجه الملائكي اسم زوجة السيد «خوان»، بيد أنه لا يذكر أنه قد نطق اسمه هو.
وخلال تلك الزيارة التي كانت تتطاول دون داع، كانت أي عبارات لا تتعلق بكميلة لا تجد أذنا صاغية لدى ذي الوجه الملائكي، وذلك من جراء تلك القوة الغامضة التي بدأت تؤثر في فؤاده وتشيع الاضطراب في وجوده ذاته.
وتعجب في سريرته: «ولكن، لماذا لا يتحدث هؤلاء القوم عن ابنة أخيهم؟ لو أنهم تحدثوا عنها لأصغيت إليهم بكل جوارحي، لو أنهم تحدثوا عنها لقلت لهم إنه لا داعي لأن يشعروا بأي قلق، وأن السيد «خوان» لا يمكن أن يورط في أي جريمة. آه لو أنهم يتحدثون عنها! أي أحمق أنا ... عن كميلة؟ التي أود أن تكون على ما هي عليه وأن تبقى مع هؤلاء القوم وألا أفكر فيها بعد ذلك؟ ولكن، أي أحمق أنا، إنها هي وقومها، وأنا بعيد عنهم، بعيد عنهم! أميالا كثيرة، هي وأنا لا ...
وجلست السيدة جوديث على الأريكة ورفعت إلى أنفها منديلا من الدنتلا كيما تخفي ارتباكها. - كنتما تقولان ... أخشى أن أكون قد قطعت حديثكما ... آسفة ... - إن ... - ... - لو ...
كان الثلاثة قد بدءوا يتحدثون في نفس الوقت، وبعد كثير من عبارات «تفضل»، تسلم السيد خوان دفة الحديث، لا يعرف لماذا. وكانت عينا زوجته تقول له «أيها الأحمق»؛ لأنه لم يترك لضيفهما الكلمة. - إنني كنت أقول لصديقنا إننا - أنت وأنا - قد غضبنا حين أخبرونا، على نحو سري، أن أخي «إيوسبيو» هو أحد المتهمين بقتل الكولونيل «باراليس سونرينتي».
Shafi da ba'a sani ba