كانت فرقة من الجنود يقودها ضابط شهر سيفه قد جرت «لاتشابيلونا» المربية التعسة الحظ من منزل الجنرال. كان مستحيلا على المدعي العام أن يستجوبها. ومنذ أربع وعشرين ساعة، كان هذا الحطام الإنساني، الذي يلفظ الآن آخر أنفاسه، هو الدعامة الأساسية لبيت كان النشاط السياسي الوحيد فيه هو خطط طائر الكناري التي يحيكها للحصول على مزيد من حبوب القرطم لغذائه، والدوائر المتراكزة التي تنتشر تحت دفقة النافورة، وانهماك الجنرال المتواصل في ألعاب «الكوتشينة»، ونزوات كميلة.
وقفز المدعي العسكري العام إلى عربته، يتبعه أحد الضباط. وتوقفوا عند أول ناصية؛ فقد وصل أربعة رجال قذرين، رثي الثياب، ومعهم نقالة لحمل جثة «لاتشابيلونا» إلى المشرحة. واصطف الجنود عائدين إلى ثكناتهم، وفتحت «لامسكواتا» حانتها. وجلس فاسكيز في مقعده المعهود، ولم يبد جهدا يذكر لإخفاء اضطرابه من جراء القبض على زوجة «خينارو روداس». كان رأسه كالفرن الذي يغلي فيه الآجر الأحمر، وعقله مسطحا من تأثير الخمر، تنتابه نوبات السكر من حين إلى آخر، مقرونة بمخاوف من فرار الجنرال.
وأثناء ذلك، كان الجنود المكلفون «بنينيا فيدينا» يصطحبونها إلى السجن، ويدفعونها من حين إلى آخر من على الطوار إلى عرض الشارع. واستسلمت المرأة لتلك المعاملة السيئة في صبر، غير أنها فقدت أعصابها فجأة وهم في الطريق وضربت واحدا منهم على وجهه. وجاءها الرد على صورة ضربة قاسية من كعب البندقية؛ وفي نفس الوقت سدد إليها جندي آخر ضربة من الخلف جعلتها تترنح وأسنانها تصطك في رأسها، والنجوم تتماثل أمام عينيها.
وتدخلت امرأة من المارة كانت عائدة من السوق حاملة سلة مليئة بالخضروات والفاكهة، صاحت بهم: «أيها القذرون، ألهذا تحملون أسلحتكم؟ يجب أن تخجلوا من أنفسكم.»
وصاح بها جندي: «اصمتي!» - يا لك من وقح.
وصاح بها رقيب: هيا يا سيدتي، تابعي سيرك. اذهبي إلى حيث كنت ذاهبة، أوليس لك ما تفعلين؟
وهل أنا مثلكم، أيها الخنزير السمين!
فتدخل الضابط قائلا: «اصمتي وإلا سنحطم رأسك.» - «تحطمون رأسي؟ حقا. هذا ما كان ينقصنا فعلا، هؤلاء الهنود الذين يسيرون هنا وهناك مثل الصينيين، وملابسهم مهترئة عند المرفقين وعند حجر البنطلون! أفضل لكم أن تنظروا إلى أنفسكم وأن تكفوا أيديكم عن الناس، أيتها الجماعة التي يرتع القمل فيكم، وأنتم تلهون بشتم الناس!»
وقليلا قليلا، ابتعد الركب عن المدافعة المجهولة عن زوجة «خينارو روداس» وسط دهشة المارة، في حين ذهبت المقبوض عليها في طريقها إلى السجن، حزينة، مضطربة، تتفصد عرقا، وطرف شالها المطرز يمسح الأرض خلفها. •••
وصلت عربة المدعي العام العسكري إلى منزل «قابيل كرفخال» المحامي في الوقت الذي كان يتأهب لمغادرة بيته إلى القصر الجمهوري مرتديا قبعته العالية وسترته الصباحية. وقفز المدعي العام من العربة إلى الطوار مما جعل العربة تهتز من بعده. وأغلق «كرفخال» الباب وراءه وكان يضع فردة قفازه بعناية حين اعتقله زميله. واصطحبته مفرزة من الجنود، وهو في ملابسه الكاملة، في وسط الطريق إلى مركز الشرطة الثاني، الذي زينت واجهته بالأعلام والشرائط الورقية. وأخذوه رأسا إلى الزنزانة التي كان الطالب ومساعد القس سجينين فيها.
Shafi da ba'a sani ba