137

Shugaban Kasa

السيد الرئيس

Nau'ikan

ولم يكن بمستطاعه ولا بإمكانها أن يتجنبا حضور الحفلة التي يقيمها رئيس الجمهورية في منزله الريفي هذه الليلة. وبدا بيتهما غريبا عليهما فجأة. كانا حائرين كيف يتصرفان. وجلسا في حزن يحيط بهما أريكة ومرآة للزينة وأثاثات أخرى، بدلا من العالم الساحر الذي كان يحيط بهما في شهور زواجهما الأولى. كان كل منهما يشعر بالأسف من أجل الآخر، وبالخجل من كونهما على ما هما عليه.

وكان ثمة ساعة حائط تدق في حجرة الطعام. ولكنهما شعرا أنهما بعيدان جدا لدرجة يحتاجان معها إما إلى قارب أو بالون ليذهبا إلى مكان الحفلة. وجلسا في حجرة الطعام ... وأخذا يأكلان في صمت وأعينهما على رقاص الساعة الذي يقربهما مع كل حركة منه إلى موعد الحفل. ونهض ذو الوجه الملائكي كيما يرتدي سترة السهرة. وشعر بالبرودة وهو يدخل ذراعيه في الأكمام، كشخص يلف نفسه في أوراق الموز. وحاولت كميلة أن تطوي منشفة المائدة، ولكن المنشفة كانت هي التي طوت يديها عوضا عن ذلك؛ وجلست بين المائدة ومقعدها، لا تشعر بأي قوة للقيام بالخطوة الأولى في الاستعداد للذهاب إلى الحفل. وعاد ذو الوجه الملائكي ليرى الوقت، ثم رجع إلى حجرته ليحضر قفازيه. ووصل إليها وقع أقدامه على مبعدة كأنما هو يمشي في نفق. وقال شيئا. شيئا. وبدا صوته غير واضح. وعاد إلى الظهور بعد برهة في حجرة الطعام يحمل مروحة زوجته. ولم يكن بوسعه أن يتذكر ما هو الشيء الذي ذهب لإحضاره من غرفته وكان يبحث عنه في كل الأنحاء في إبهام. وتذكر آخر الأمر، بيد أن قفازيه كانا في يديه بالفعل!

وقالت كميلة للخدم الذين كانوا يرقبون خروجهما من الباب إلى الممشى: تأكدوا من إطفاء جميع الأنوار، ثم أغلقوا الباب بعناية، وبعد ذلك يمكنكم الذهاب إلى الفراش.

وانطلقا في عربة تجرها جياد حسنة التغذية، تخب في نهر من العملات الفضية المجلجلة المعلقة في السرج. ودفنت كميلة نفسها في ركن العربة؛ لم يكن بوسعها أن تنفض عنها ذلك الخدر الذي يجثم فوقها؛ والتمع الضوء الميت لمصابيح الطريق في عينيها. ومن آونة لأخرى، كانت العربة ترتج بحركة مفاجئة تهزها عن مقعدها، قاطعة حركة جسدها الذي أخذ يتابع إيقاع العربة. وكان أعداء ذي الوجه الملائكي يشيعون أنه لم يعد بعد محبوب السيد الرئيس ولا من الأثيرين لديه، وأخذوا يلمحون في «نادي أصدقاء السيد الرئيس» إلى أنه ينبغي الآن أن يدعى ميغيل كاناليس بدلا من لقبه الحقيقي. وكان جالسا في العربة تهزه عجلاتها وهو يستطيب مقدما مذاق الدهشة التي سيسببها لهم ظهوره في حفل الرئيس هذه الليلة.

وخلفت العربة الطرق المرصوفة وانحرفت إلى ربوة رملية جعلت العجلات تئن بصوت أجوف. وشعرت كميلة بالخوف، فلم تكن ترى شيئا في الظلمة من الريف حولها، بل النجوم فحسب ، ولم تكن تسمع شيئا من الحقول المغطاة بالندى إلا صرير الجنادب، وشعرت بالخوف وارتدت إلى الخلف كأنما هي مساقة إلى حتفها عبر ممشى «أو شبه ممشى» على إحدى جانبيه هوة تفغر فاها، وفي الجانب الآخر جناح الشيطان منبسطا كالصخرة في وسط الظلمة.

وقال ذو الوجه الملائكي لزوجته وهو يأخذها برفق من كتفيها بعيدا عن الباب: ما الخبر؟ - إني خائفة. - هس، اهدئي. - إن ذلك الرجل سيقلب العربة بهذه السرعة التي يسوق بها، قل له أن يبطئ قليلا. أرجوك! آه يا عزيزي، ألم تسمع ما قلت؟ قل له! لماذا أنت صامت؟

فقال ذو الوجه الملائكي: إن هذه العربات ...

ولكنه قطع عبارته، لأن زوجته أمسكت به حين حدثت هزة عنيفة غير متوقعة من عجلات العربة. وشعرا كأنهما يتدحرجان إلى الهوة.

قال وهو يلملم أطراف نفسه: خلاص، لقد مر الأمر. لا بد أن العجلات قد وقعت في حفرة عميقة.

وكانت الريح تهب على أعالي الصخور بقسوة محدثة صريرا كصوت تمزيق القماش. وأخرج ذو الوجه الملائكي رأسه من طاقة العربة ليصيح بالسائق أن يكون حريصا بعض الشيء. وأدار إليه السائق وجهه الأسمر المنقور ببثور الجدري وأبطأ جياده حتى أصبحت كأنها تسير بخطى جنائزية.

Shafi da ba'a sani ba