314

وكأن صرح الكيان الإنساني ( جبل ) اختفت بين ثنايا صخوره وفي بطونه احجار كريمة كثيرة ومعادن ذهبية ثمينة ، فالوجود الإنساني هو الآخر قد اودعت فيه فضائل وعلوم ، ومعارف وخصال ، واخلاق متنوعة.

فعندما يغور الانبياء والمهندسون الروحيون في أعماق نفوسنا وذواتنا وهم يعلمون جيدا أن نفوسنا معجونة بطائفة من الصفات والسجايا النبيلة والمشاعر والاحاسيس الطيبة ، ويعملون على اعادة نفوسنا بتعاليم الدين وبرامجه إلى جادة الفطرة المستقيمة السليمة فانهم في الحقيقة يذكروننا بأحكام فطرتنا ، ويسمعوننا نداء ضمائرنا ، ويلفتونها إلى الصفات ، وإلى الشخصية المودوعة فيها.

تلك هي رسالة الانبياء ، وذلك هو عملهم الاساسي ، وهذا هو دورهم في اصلاح النوع الإنساني ، أفرادا وجماعات.

أمين قريش في غار حراء :

يقع جبل « حراء » في شمال « مكة » ويستغرق الصعود إلى غار حراء مدة نصف ساعة من الزمان.

ويتالف ظاهر هذا الجبل. من قطع صخرية سوداء ، لا يرى فيها أي أثر للحياة أبدا.

ويوجد في النقطة الشمالية من هذا الجبل غار يمكن للمرء أن يصل إليه ولكن عبر تلك الصخور ، ويرتفع سقف هذا الغار قامة رجل ، وبيمنا تضيء الشمس قسما منه ، تغرق نواح اخرى منه في ظلمة دائمة.

ولكن هذا الغار يحمل في رحابه ذكريات كثيرة عن صاحب له طالما تردد عليه ، وقضى ساعات بل وأياما وأشهرا في رحابه ... ذكريات يتشوق الناس وحتى هذه الساعة إلى سماعها من ذلك الغار ، ولذلك تجدهم يسارعون إلى لقائه كلما زاروا تلك الديار ، متحملين في هذا السبيل كل عناء ، للوصول إلى رحابه ، لكي يستفسرونه عما جرى فيه عند وقوع حادثة : « الوحي » العظيمة وليسألونه عن ما تحتفظ به ذاكرته من تاريخ رسول الإنسانية الاكبر مما جرت

Shafi 319