وخلط هذه الاحكام مع بيان الحوادث ، ومن ثم اخرج كتابه ذاك إلى الجمهور المتعطش إلى تاريخ الإسلام ، على أنه التاريخ المحقق ، الممخص.
إن الإشكال الذي يرد على الطائفة الاولى هو : أن الهدف من التاريخ ليس هو مجرد تسجيل الحوادث التاريخية وضبطها وتدوينها ، إنما هو كتابة صفحات التاريخ ، وقضاياه وأحداثه من المصادر الصحيحة الموثوق بها ، وإبراز عللها واسبابها ، وثمارها ونتائجها ، والتاريخ بهذا الشكل أعظم كنز تركه الأقدمون لنا ، ومثل هذا النوع من الدراسة التاريخية لم تدون أو أنه قلما دونت حول أعظم قادة البشر ، محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد تجنب اكثر كتاب السيرة النبوية عن اظهار الرأي في الحوادث ، أو القيام باي تحليل للوقائع ، بحجة الحفاظ على اصول الحوادث ونصوصها.
في حين أن هذه العذر ، وهذا الحجة غير كافية لتبرير هذا الموقف ، لأنه كان في مقدور اولئك المؤرخين للحفاظ على ما ذكروه أن يؤلفوا نوعين من الكتب ، نوعا يختص بسرد الوقائع والنصوص التاريخية على ما هي عليه من دون ابداء رأي ، أو تحليل ودراسة ، ونوعا آخر يعتني بذكر الحوادث والقضايا التاريخية مع تحليلها ودراستها بصورة موضوعية صحيحة أو ان يتم كلا الأمرين في كتاب واحد بأن تفرز الحوادث التاريخية عن التحليل والرأي.
على كل حال قلما نجد بين قدماء الكتاب المسلمين من تصدى للسيرة النبوية المحمدية الطاهرة بهذه الصورة ، وقلما يوجد هناك كتاب يتناول حياة خاتم الانبياء وسيد المرسلين بالتحليل المذكور.
بل لابد من القول بان السيرة النبوية الطاهرة ليست هي وحدها التي حرمت من مثل هذا النمط من التأليف والكتابة ، بل شمل هذا الحرمان اكثر الحوادث التاريخية التي وقعت على مر العصور الإسلامية فهي ادرجت في الكتب من دون دراسة موضوعية وتقييم دقيق.
نعم إن أول من فتح هذا الطريق على وجه عامة المؤلفين والكتاب هو :
Shafi 15