كلام يوجب مقت الله ، ونعوذ بالله من التهور والتساهل ، ومعاذ الله أن يكون من شرعنا إرضاء المخلوق بما يغضب الخالق ، وماذا تركنا من القبائح لعلماء اليهود والنصارى إن قلنا مثل ذلك ، أو فعلناه ، وما نقله من شرحه على الدر المختار من أشراط تغيير المنكر الرفق واللين إطلاقه مخالف للكتاب والسنة وإجماع المسلمين ، واستدلاله على ذلك بخطاب الله لموسى وهارون ناشيء عن فساد التصور ، وعدم فهم مواقع الكلام ، فإن ذاك فيما يتعلق باللسان لا مطلقا ، وكان الواجب على هذا المفتي حيث التفت لما يتعلق بالكفار أن يقرأ قوله تعالى [ يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير] (¬1) ، [ يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة] (¬2) ولا يخفى على من له أدنى معرفة بكتب الشريعة أن مراتب تغيير المنكر ثلاثة ، أعلاها التغيير باليد ، كالذي في هذه النازلة، فإن في السؤال أن الرجل أزال المنكر بيده ، وأخرج أهله من المجلس ، وهذا لا يتأتى فيه اللين ، إنما يطلب اللين في المرتبة الثانية ، التي هي التغيير باللسان إن لم يقتض الحال خلافه ، وليس ذلك شرطا كما زعم المفتي ، وقد ذكر فقهاؤنا في باب الوضوء أن البدء بمقدم الأعضاء مندوب ، وأن من خالف إن كان عالما وبخ وقبح عليه ، ونقل القرافي في فروقه عن بعضهم أنه يجوز للشخص أن يغير المنكر وإن أدى ذلك إلى تلف نفسه ، وهل يكون هذا مع اللين ؟ على أن هذا المفتي نفسه قد أنكر على خصمه بالغلظة دون الرفق واللين ، فما أشبهه على دعواه بمن يغسل العذرة بالبول .
وقوله : فمن استعمل الغلظة ..الخ .
Shafi 35