214

Ƙidaya Matsananciyar Hikima

صيد الخاطر

Mai Buga Littafi

دار القلم

Bugun

الأولى

Inda aka buga

دمشق

Nau'ikan

Adabi
Tariqa
إليك من ساعة وجودك، وإن ستره عليك الزلل أكثر من عدد الحصى؟!
أفما تذكرين كيف رباك، وعلمك، ورزقك، ودافع عنك، وساق الخير إليك، وهداك أقوم طريق، ونجاك من كل كيد، وضم إلى حسن الصورة الظاهرة جودة الذهن الباطن، وسهل لك مدارك العلوم، حتى نلت في قصير الزمان رزقك بلا كلفة تكلف، ولا كدر من، رغدًا غير نزرٍ٣؟!
فوالله، ما أدري أي نعمة عليك أشرح لك، حسن الصورة، وصحة الآلات؟ أم سلامة المزاج، واعتدال التركيب؟ أم لطف الطبع الخالي عن خساسة؟ أم إلهام الرشاد منذ الصغر؟ أم الحفظ بحسن الوقاية عن الفواحش والزلل؟ أم تحبيب طريق النقل، واتباع الأثر، من غير جمود على تقليد لمعظم، ولا انخراط في سلك مبتدع؟ ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ [ابراهيم: ٣٤] .
كم كايد نصب لك المكايد فوقاك؟ كم عدو حط منك بالذم فرقاك؟ كم أعطش من شراب الأماني خلقًا وسقاك؟ كم أمات من لم يبلغ بعض مرادك وأبقاك؟ فأنت تصبحين وتمسين سليمة البدن، محروسة الدين، في تزيد من العلم، وبلوغ الأمل. فإن منعت مرادًا، فرزقت الصبر عنه بعد أن تبين لك وجه الحكمة في المنع، فسلمي حتى يقع اليقين بأن المنع أصلح.
ولو ذهبت أعد من هذه النعم ما سنح٤ ذكره، امتلأت الطروس٥ ولم تنقطع الكتابة، وأنت تعلمين أن ما لم أذكره أكثر، وأن ما أومأت إلى ذكره لم يشرح، فكيف يحسن بك التعرض لما يكرهه؟! ﴿مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [يوسف: ٢٣] .

١ في الأصل: لينله.
٢ عرصة: ساحة.
٣ النزر: القليل.
٤ سنح: خطر.
٥ الطروس، جمع طرس: وهو الصحيفة.

1 / 216