186

Awon Acmaq

صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس

Nau'ikan

103

مثل آير، وستيفنسون، يرون رأيا مشابها لذلك وإن يكن أقل تطرفا. ويذهب نيتشه في «إرادة القوة» (الذي صدر بعد وفاته) إلى أن كثيرا من الجوانب الأخرى من المعرفة هي أيضا مسألة اختيار، بل إن مفكرا مختلفا تماما مثل كارناب ينبئنا بأن بإمكاننا أن نختار أن نتحدث «لغة الشيء»

thing-language

حيث الموضوعات الفيزيقية هي الأمر المركزي، أو «لغة ظاهراتية»

phenomenalistic language

حيث الأمر المركزي هو معطيات الحس.

وعند الطرف المضاد من المطياف نجد مفكرين يذهبون إلى أن من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، أن نغير مفاهيمنا المركزية واعتقاداتنا ومعايير تقييمنا تغييرا جوهريا. ليس بوسعنا مثلا أن نقرر ببساطة أن نشرع في التفكير عن العالم في حدود غير علية؛ أي باطراح مبدأ السببية اطراحا تاما. والحق أنه إذا كانت معظم مفاهيمنا المحورية واعتقاداتنا المركزية هي جزء من جبلتنا البيولوجية فإن من المحال بيولوجيا أن نستغني عنها، وستكون استحالة تغيير تفكيرنا عن الألوان إذا كانت تحدده نيوروفسيولوجية جهازنا البصري (الحتمية البيولوجية) أكبر من استحالة تغييره إذا كان يحدده معجم الألوان في لغتنا المحلية (الحتمية اللغوية). غير أن هذا لا يمنع القائلين بالنسبية اللغوية (مثل ورف) والثقافية (مثل بينيديكت) والتاريخية (مثل كولنجوود) من التوكيد على صعوبة التغيير. فالمرء في نظر ورف مثلا لا يملك أن يصف الطبيعة بحيدة كاملة، وإنما هو مقيد بأساليب معينة من التأويل تمليها لغته التي يتحدثها، حتى لو آنس في نفسه قدرا كبيرا من الحرية. يرى هؤلاء الكتاب فيما يرون أن مفاهيمنا المركزية واعتقادتنا المحورية تتخلل تفكيرنا وتغمره لدرجة أن معظمنا لا يخطر بباله أصلا احتمال وجود بدائل لهذه الاعتقادات وتلك المفاهيم.

وبين هذين الطرفين نجد مفكرين يذهبون إلى أن بالإمكان في بعض الأحيان قيام مراجعات حاسمة وتنقيحات كبرى للأطر التصورية، وإن يكن ذلك في ظروف استثنائية فحسب. يقول توماس كون، بمعرض حديثه عن لحظة اختيار العالم أن يعتنق «نموذجا شارحا/إرشاديا» (بارادايم) جديدا، إن قرارا من هذا النوع لا يمكن أن يتخذ إلا إيمانيا. وكثيرا ما يتحدث كون عن قبول نموذج إرشادي جديد على أنه ضرب من الإيمان أو «التحول (العقائدي) الحاسم»

conversion .

ولعل الرأي الأكثر رواجا بين الفلاسفة المعاصرين هو أن البشر لا يمكنهم أن يعدلوا أطرهم إلا تدريجيا، وأن بعض أجزاء هذه الأطر ربما يظل عصيا تماما على المراجعة في أية لحظة معطاة. وكثيرا ما تهيب هذه الدعاوى بتشبيه نويرات الخاص بإعادة بناء سفينة وهي مبحرة (

Shafi da ba'a sani ba