بسم الله الرحمن الرحيم

رب يسر وتمم يا كريم

الحمد لله الذي منح خلاصة خلقة خلاصة السرائر , ووفقهم للوقوف عند الأوامر والزواجر , وألبسهم من كبار الآداب السنية ما جمل به الباطن والظاهر

والصلاة والسلام على السيد الكامل الفاتح , الخاتم الماحي الحاشر , محمد المؤيد بالمعجزات البواهر , وعلى آله وأصحابه النجوم الزواهر

أما بعد :

Shafi 3

فلما من الله علي بحب السادة الذين جعل الله أفئدتهم مشارق أنواره , وسرائرهم معادن أسراره , ووفقني لتطلب الأدلة على ما حلاهم به من الآداب , حتى أوقفني بفضله على مآخذها من السنة والكتاب , وفتح لي في بعض الآداب الباطنة من الأدلة القواطع والبراهين السواطع , ما يبهر الألباب , ويجود متأمله [ صيب ] (1) الصواب

وكان من آداب اللباس الظاهر إرسال طرف العمامة , وهي المسماة بالعذبة , فدار الكلام بيني وبين بعض الإخوان الذين لهم خدمة بالسنة الشريفة في مأخذه وأصله , وبيان الدليل عليه عند أهله , فاقتضى ذلك أن أذكر [ في هذه الاوراق ما وقفت عليه في هذا المعنى من الأحاديث الشريفة ] (2) النبوية , مضيفا إلى ذلك شيئا مما يتعلق به من المسائل الفقهية , فعقدت لذلك فصلين , وقلت سائلا التوفيق والهداية لأقوم طريق :

الفصل الأول

فيما وقفت عليه من من الاحاديث النبوية في هذا المعنى

وأقدم قبل ذلك أن إرخاء طرف العمامة من سيما الملائكة الذين أمد الله تعالى بهم نبيه , والمؤمنين يوم بدر , وقيل يوم أحد

وفقد ذكر (البغوي) (3) وغيره في تفسير قوله تعالى : { بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين } (آل عمران:125)

من السومة أي بضم السين السيما , وهي العلامة

Shafi 4

ونقلوا عن إمام المفسرين (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه وحبر الأمة (عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما أنهما قالا : كانت عليهم عمائم بيض قد أرسلوها بين أكتافهم قال (ابن إسحاق) : حدثني من لا أتهم عن (مقسم بن الحارث بن عبد الله بن عباس) رضي الله عنهم قال : كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضا , قد ترسلوها على ظهورهم (1)

قال (ابن هشام) حدثني بعض أهل العلم عن (علي بن أبي طالب) رضي الله عنهم قال :

العمائم تيجان العرب , وكانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضا , قد أرخوها على ظهورهم إلا جبريل , فإنه كانت عليه عمامة صفراء (2)

وقد نقل (البغوي) (3) وغيره عن (هشام بن عروة) , و(الكلبي) أنها كانت عمائم صفرا , مرخاة على أكتافهم , وقد فسر بعضهم سيما الملائكة بغير ذلك

وسيأتي في الأحاديث ما يؤيد [ تفسير ] (4) سيماهم , فهذه جملة كافية ترجع بعدها إلى ذكر الأحاديث فنقول , وبالله التوفيق

الحديث الاول :

حديث (ابن عمر) رضي الله عنهما , رواه (الترمذي) من وراية عبيد الله بن عمر عن نافع عن (ابن عمر) قال :

(( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه )) (5)

قال نافع : وكان (ابن عمر) يسدل عمامته بين كتفيه

قال عبيد الله : ورأيت القاسم وسالما يفعلان ذلك

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب

الحديث الثاني

حديث (عمرو بن حريث) عن أبيه قال

(( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر , وعليه عمامة سوداء , قد أرخى طرفها بين كتفيه ))

رواه (أبو داود) (6) بهذا اللفظ من حديث جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه

ورواه (النسائي) , ولفظه عن حعفر بن عمرو بن أمية , عن أبيه , قال : عن جعفر بن عمرو بن أمية , عن أبيه قال :

Shafi 5

(( كأني أنظر الساعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر , وعليه عمامة سوداء , قد أرخى طرفها بين كتفيه )) (1)

ورواه (ابن ماجة) (2) بهذا اللفظ , إلا أنه لم يقل ( الساعة )

الحديث الثالث :

حديث (عبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنه قال :

(( عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسدلها بين يدي ومن خلفي )) (3)

من رواية سليمان بن خربوذ قال حدثنا شيخ من أهل المدينة قال سمعت عبد الرحمن بن عوف يقول :

(( عممني... )) فذكره

وهذا الحديث وإن كان في إسناده من لم يسم إلا أن (أبا داود) سكت عليه , وشرطه أن ما سكت عليه فهو صالح

الحديث الرابع

حديث (عائشة) قالت :

(( عمم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف , وأرخى له أربع أصابع , وقال :

إني لما صعدت إلى السماء رأيت أكثر الملائكة معتمين )) (4)

رواه (الطبراني) في ((الأوسط)) لكن في إسناده مقدام بن داود شيخ الطبراني , وهو ضعيف الحديث (5)

الحديث الخامس

عن (ثوبان) مولى رسول الله :

Shafi 6

(( أن النبي كان إذا اعتم أرخى عمامته بين يديه , ومن خلفه )) (6) رواه (الطبراني) أيضا , وفي إسناده الحجاج بن رشدين ضعيف الحديث (1)

الحديث السادس

حديث (عبد الله بن عمر) فقال :

((كنت عاشر عشرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر , وعمر , وعثمان , وعلي , وابن مسعود , وابن جبل , وحذيفة , وابن عوف , وأبو سعيد الخدري , وأنا فجاء فتى من الأنصار فسلم , ثم جلس فذكر الحديث إلى أن قال :

ثم أمر عبد الرحمن بن عوف فتجهز لسرية بعثه عليها , فأصبح قد اعتم بعمامة كرابيس سوداء , فاتاه النبى صلى الله عليه وسلم , ثم نقضها فعممه , وأرسل من خلفه أربع اصابع , أو نحوها , ثم قال : هكذا يا ابن عوف , فاعتم فإنه أعرف وأحسن...)) الحديث

رواه (الطبراني) في ((الأوسط)) بإسناد حسن (2)

وقد روى (ابن ماجة) طرفا منه

الحديث السابع :

ما رواه ( [ أبو ] (3) عبد السلام) قال :

(( سألت ابن عمر , كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتم ؟ , قال : كان يدير العمامة على رأسه ويغرزها من ورائه , ويرسل لها ذؤابة بين كتفيه ))

رواه (الطبراني) أيضا (4)

وقال الحافظ (أبو الحسن الهيثمي) (5) : رجال إسناده رجال الصحيح , إلا [ أبا ] عبد السلام وهو ثقة

الحديث الثامن :

حديث (عائشة) رضي الله قالت :

Shafi 7