Kafa Akan Kafa
الساق على الساق في ما هو الفارياق
قال فما كدت أتمّ كلامي هذا الوجيز حتى استشاطت غيظًا وأحرنفشت. ثم قالت لقد أبسلك إلى التهلكة مقولك وفضحك عندي وعند الناس فضولك. من أين علمت أنهن لا يغنجن، إذا خُلجن. ولا يرقصن، إذا قُرصن. ولا يستعملن الضياق والفرم، إذا كان الفلهم ذا لهم. أو إذا كان قوأبا، ذا بقبقة مقبقبا. أو إذا كان العفلق، يسمع له جلنْبلقَ. والحُنُق أحب إلى الهُقُق لولا إنك جربت منهن ذلك. قلت هذا أمر شائع مستفيض نبهُ مشهور منوه به ذو دالة وبُثْلة وتشرير لا يخفى على أحد. فهو كقول القائل السماء فوقنا والأرض تحتنا وهو عند النحاة ليس بكلام أف تغضبين مما لا يصح أن يسمى كلامًا. قالت مالي وللكلام إنما غضبي عن الفعل. إنك عندي قوّال. وعند غيري فعّال. ما هذه صفة المتزوجين. ما هذا شأن المحصنين. يا للعجب أنت لا تستحي أن تطلب. وأنا أستحي أن أطلب. إلا ليت قاضيًا يقضي بين الرجل وامرأته حتى يبين للناس كافة من الظالم والمظلوم منا قلت فقولي إذا ليت قاضية. لأن القاضي من حيث كونه والحمد لله ذكرًا يحكم للرجل على المرأة. قالت بل الأمر بعكس ذلك فإن القاضي لا يرى الحق إلا للمرأة على الرجل ولا سيما إذا جاشت إليه وأجهشت وكذا كل رجل إلا نفسه قلت لله درك من امرأة خبيرة بأمور الرجال ومن رجل خبير بأحوال النساء. أني على مذهب سيدنا القاضي فأني كنت أحضر خصام رجل وامرأة وأرى الرجل منتوف اللحية مخرق الجيب ما كنت لأنظر إلى المرأة إلا نظر المبرّي. ولا سيما إذا أجهشت فكنت أود لو أفديها بروحي. ولكن رويدك لا تزبئري ولا تزمخّريولا تجذئري ولا تجظئري ولا تحزئري ولا تقدحرّي. إني لم يبق لي الآن إلا النظر فأما التفدية فلا حكم لي اليوم على نفسي.
ولكن أخبريني ما هذه الخصلة الغريزية فيكن معاشر النساء. إنكن تبكين وتضحكن أيان شئتن من أي شي كان. ونحن معاشر الرجال لا نبكي إلا منكن ولا نضحك إلا لكنّ ومن أجلكن. قالت سبب ذلك هو كون النساء أرق طبعًا وأكرم خلقًا. وأدق فيهما وألطف تخيلًا. وأرأف قلبًا وأحنى فؤادًا وألين جانبًا وأسرع سمعا ونظرًا. وأنفد فكرًا وأعجل تأثرًا. وأخف يدًا وأعلق بالدنيا والدين. وأقبل للتلقين وأبدر إلى الرسيس. وألقف للعلق النفيس. قلت مهلًا مهلًا. وأروق بالًا. وبعالًا. قالت وأبلغ حِيَلا. قلت وتململا. قالت وأوفى صلة وغربلة قالت وأعجل الطافا. قلت وإيغافا. قالت وأكثر ترفقًا. قلت وشبقًا. قالت وأوفر كرمًا. قلت وغلمًا. وقالت وأطول حبًّا. قلت وقنبًا. قالت وأبقى وجدًا. قلت وزردًا وعصدًا. قالت وأشهى عتابًا. قلت وقرابًا. قالت وأبدع شمظًا. قلت ولمظا. قالت وأرخم منطقًا قلت وحمقًَا. قالت وأسبق شعورًا. قلت وشغورًا. قالت وأحلى تحدثًا. قلت ورفثًا. قالت وأغرب رتَلا. قلت وعَفْلا.
ثم قلت قد كان حديثك أولًا في الحقائب بما يذهب بصبر أيوب. وينزّي المثمود والمنجوف والمنجوب. والآن أخذت في تفضيل النساء على عادتك وفي تعداد محاسنهن وستنتهين إلى كشف المغطى منهن. فهل تريدين أن أقدم على صاحبنا مجنونًا أو ذا لمم فتفسد ترجمة الكتاب. قالت أن كنت تجن هنا فلا يكون لك في البيت قرصعة كما في الشام. فإن المجانين الذين هم في بيوتهم هناك أكثر من الذين هم في أديار الرهبان. قلت لعل ذلك هو الذي أغراك بهذا التشويق المعذب. فكفّي عن هذا الحديث الملهب المحرب. بحق من أعطاك هذا اللسان الذَرِب وتأهبي للأشخاص إلى من يكون عنده شغلي.
قالت أليس هو بلندن. قلت لا بل هو في الريف. قالت ويلي على الريف. وعلى الفلاحين من يطيق السفر من هذه المدينة ليسكن بين الهمج فإن الفلاحين في جميع البلاد سواء. قلت ثم ننتقل من هنالك إلى مدينة غاصّة بالرجال قالت فيها رجال بلا نساء. قلت بل فيها نساء. وإنما هن قليلات بالنسبة إلى كثرة الرجال. قالت أن القليل من النساء كثير.
ثم إنهما سافرًا في غد ذلك اليوم وإذ كانا سائرين في درب الحديد ذكر المنبّه اسم القرية التي يقصدانها فلم ينتبه الفارياق لاشتغال باله بتلك المساجلة. حتى إذا سارًا طويلًا وسأل أحد السكوت عن رحلته قال له قد فاتتك. فخرج حٍ وهو آسف على غفلته عن تذكير المنبّه. وما بلغوا القرية إلا بعد مشي مسافة طويلة وتعب كثير.
1 / 241