وخطر لنوفيكوف أنه أخفق في حياته ولكنه لم يفكر في اختصارها وإن كان البقاء عبثا. بل على نقيض ذلك رأى من واجبه الآن وقد صارت حياته عذابا له أن يقفها على الناس، وأن ينحي سعادته ويطرحها جانبا. ونازعته نفسه لسبب لا يدريه أن ينفض يده من كل شيء في هذه البلدة وأن يمضي إلى بطرسبرج حيث يستطيع أن يجدد علاقته «بالحزن» وأن يهجم على الموت. وقام في نفسه أن هذه فكرة سامية نبيلة ولطف من حزنه علمه أن هذه فكرته بل لقد شرحت صدره، فضخم شأنه وعظم مقامه. في نظر نفسه، وكأنما صار على مفرقة تاج من الذهب الوهاج. وكان موقف العتب الذي اتخذه حيال ليدا يدفعه إلى البكاء.
ثم أحس الملال فجأة يدب في نفسه وكان «يوري» ماضيا في التصوير لا يلقي إليه التفاتة.
فنهض نوفيكوف متثاقلا ودنا من الصورة ولم تكن قد تمت، ولهذا كان لها وقع الصورة القوية.
وكان يوري قد بلغ حد طاقته فاعتدها نوفيكوف آية وهو ينظر إليها وفمه مفتوح معجبا بالمصور إعجاب الطفل.
وتراجع يوري وقال: «ما رأيك؟»
وكان رأيه أنها أمتع صورة رآها وإن كان لا شك في أن فيها عيوبا جلية كبيرة. ولم يكن يدري لماذا كان هذا رأيه. ولو أن نوفيكوف استسخفها لجرحه ذلك وآلمه.
على أن نوفيكوف قال هامسا فرحا: «بديعة جدا.»
وأحس يوري كأنه عبقري يستخف بعمله فتنهد ورمى الفرشة فلوثت طرف المخدع وانصرف عن اللوح دون أن ينظر إليه وقال مبتدئا: «آه يا صديقي!»
وهم بأن يعترف لنفسه ولنوفيكوف بالشك الذي ينغص كل سرور بالنجاح إذ كان يحس أنه لن يستطيع أن يتم هذه البداية الحسنة، غير أنه بعد التفكير لم يزد على أن قال: «كل هذا لا طائل تحته.»
فظن نوفيكوف أن صاحبه يتكلف، وذكر ما لقيه هو من الخيبة المرة فحدث نفسه أن هذا صحيح.
Shafi da ba'a sani ba