61

فصاح إيفانوف: «لعمري ماذا تستطيعين أن تزيدي على هذا؟ على أني أطابقك على رأيك.»

فاحمر وجه سينا خجلا وارتباكا من هذه المدائح.

وقالت ليدا فجأة: «قد آن أن نعود.» واستكرهت أن تسمع مدح سينا إذ كانت تعد نفسها أجمل وأبرع وأمتع.

وسألها سانين: «ألا تغنينا؟»

فقالت: «كلا! إن صوتي لا يؤاتيني الآن.»

وقال ريازانتزيف: «لقد آن أن نعود حقيقة.» وذكر أن عليه في الصباح أن يكون في مشرحة المستشفى. وود الآخرون لو يتلكئون قليلا ولازموا الصمت وهم عائدون وأحسوا بالتعب والرضى. وداست العجلات مرة أخرى أغيصان الحشيش وإن لم ير ذلك أحد. ولم يلبث التراب أن استقر على أرض الطريق مرة ثانية وبدت الحقول الحرة العارية هائلة لا حد لها في ضوء القمر الوافي.

الفصل السابع

مضت ثلاثة أيام وفي مساء الرابع عادت ليدا إلى بيتها حزينة متعبة مثقلة القلب. ولما بلغت غرفتها وقفت ويداها متشابكتان وعيناها إلى الأرض وأدركت فجأة أنها في علاقاتها مع سارودين قد جاوزت الحد فاستهولت ذلك؛ وتبينت لأول مرة منذ تلك اللحظة - لحظة الضعف الذي لا يعالج - أي سلطان يذل صار لهذا الضابط الفارغ العقل عليها وإن يكن دونها في كل شيء. - لا بد لها الآن أن تلبيه إذا دعا وأن تذعن لقبلاته أو تتأبى ضاحكة، ولكنه لم يعد يسعها أن تعبث به كما تشاء، ولم يبق لها إلا أن تحتمل وتطيع كالرقيق.

كيف حدث هذا؟ ذلك ما لم تستطع له فهما. لقد كانت أبدا وعليه سلطانها وكانت تطيق التفاتاته وغزله وكان كل شيء رضيا لذيذا مثيرا كالعادة. ثم جاءت لحظة اتقد فيها كيانها كله وغشي ذهنها مثل الضباب ولم تبق إلا الرغبة المجنونة في الاندفاع إلى الهاوية، كأنما انشقت الأرض تحت قدميها ولم تعد تحكم أعضاءها أو تشعر إلا بعينين جاذبتين تحملقان في عينيها، وهزت العاطفة جثمانها وعصفت به وراحت ضحية الشهوة الغالبة. على أنها مع ذلك شاقها أن تتكرر هذه التجارب العاصفة. ولما مثل لخاطرها كل ذلك ارتجفت فرفعت كتفيها وخبأت وجهها في راحتيها ومضت إلى غرفتها متعثرة وفتحت النافذة ولبثت لحظة طويلة ترمق القمر وكان طالعا فوق الحديقة - وثم بين الأشجار النائية بلبل يغني.

وجثم على صدرها الحزن ونال منها الإحساس بالندامه وبانجراح الكبرياء للقضاء على حياتها من أجل رجل فارغ سخيف، ولأن زلتها كانت حمقاء حقيرة عرضية. وبدا لها المستقبل منذرا بالشر ولكنها عالجت أن تنفي عن نفسها المخاوف بالمكابرة.

Shafi da ba'a sani ba