وإنهم لكذلك وإذا بنوفيكوف يمد يده إلى فون دايتز فقال فون دايتز مستغربا: «ماذا؟ أذاهب أنت؟»
فلم يحر نوفيكوف جوابا. وسأله سانين: «إلى أين؟»
فظل نوفيكوف صامتا وهو يحس كأن الألم المكتوم يوشك أن ينهمر دموعا.
فقال سانين: «إني أعرف ما بك. ابصق على كل ذلك.»
فرمى إليه بنظرة من يرثي له وارتجفت شفتاه وأومأ إيماءة الأسف وخرج في صمت والإحساس بعجزه يخامره فقال ليتسلى: «ما خير أن ألطم هذا النذل على وجهه؟ إن هذا ما كان ليفضي إلا إلى قتال سخيف، ولخير لي أن لا ألوث يدي.»
ولكن الغيرة الثائرة والإحساس بالعجز ظلا ضاغطين فعاد إلى بيته وهو في أشد حالات الغم والأسى، وألقى بنفسه على الفراش وأخفى وجهه في الوسادة، وظل كذلك بقية النهار وبه ما به من مرارة الشعور بأن لا حيلة له. •••
وسأل مالينوسكي زملاءه: «ألا نلعب الورق؟»
فقال إيفانوف: «حسن جدا.»
وجاء الخادم بمنضدة اللعب وعليها غطاؤها الأخضر يستهويهم جميعا. وكان اقتراح مالينوسكي قد أيقظهم فجعل ينقل الأوراق بكفيه الصغيرتين الكثيرتي الشعر وانتشرت على المائدة الخضراء الأوراق الزاهية، وسمع رنين الروبيلات الفضية بعد كل دور أو صارت الأصابع تطبق عليها كالعناكب، ولم تند عن الأفواه إلا عبارات وجيزة مصرحة عن السرور أو الكمد.
وخذل الحظ سارودين فذهب إلى العناد وأصر على المخاطرة في كل شوط بخمسة عشر روبيلا، وكان يخسرها في كل مرة وصار وجهه ناطقا بالألم الشديد، وكان في الشهر الماضي قد قامر وخسر سبع مئة روبل يضاف إليها كل ما ذهب اليوم وأعدى غيره بسوء خلقه، فلم يلبث فون دايتز ومالينوسكي أن تراشقا بالعبارات الجارحة.
Shafi da ba'a sani ba