106

ووقف يوري إلى يمينه يبحث عن مكان جاف مريح. وكان أمامهما الماء صافيا عميقا تنعكس في صقاله صفحة السماء المجلوة ومن ورائه الشاطئ كالخط الأسود.

وهب البط مثنى وثلاث وجعلت أفراخه تطير متريثة فوق الماء خارجة من الأعشاب محلقة فوق رأسي الصائدين صفا من الأشباح السوداء باديا دون السماء، فأرسل ريازانتزيف أول طلقة فأصاب وهوت بطة مكلومة إلى الماء وجناحاها يخبطان الأعشاب فقال ريازانتزيف وضحك عاليا: «لقد أصبتها.»

وقال يوري لنفسه وكان قد جاء دوره: «إنه رجل طيب حقيقة.»

وأطلق بندقيته فهوت ببطة ولكنها سقطت في مكان بعيد لم يصل إليه يوري وإن كان قد جرح كفيه وخاض إلى ركبتيه في الماء ولم تزده هذه الخيبة إلا حماسة وظن الأمر لهوا طيبا.

وكان لدخان البنادق رائحة لذيذة في هذا الجو الصافي البليل، وكانت الطلقات تبرق في الظلام فيجد المرء لبريقها وقعا حسنا. وجعلت الطيور الجريحة ترسم وهي تهوي أقواسا رشيقة تحت قبة السماء الخضراء التي بدت فيها النجوم. وأحس يوري من النشاط والاغتباط ما لا عهد له به كأنما لم يمر به ما هو أمتع من هذا وأعظم إنعاشا للنفس. وقلت الطيور الطائرة الآن وتعذر تسديد المرمى في الظلام المتكاثف.

وصاح ريازانتزيف بزميله: «يوري! يجب أن نعود الآن!»

فأسف يوري لذلك وعز عليه أن يرجع ولكنه مضى إلى رفيقه إجابة لرغبته وكان يتعثر في سيره بين الأعشاب ويخوض الماء الذي لم يعد يفترق في الظلام عن الأرض الصلبة.

فلما التقيا برقت عيونهما وكان كلاهما يلهث.

فقال ريازانتزيف: «هل مالأك الحظ؟»

فقال يوري وكشف عن حقيبته المكتظة: «أظن ذلك!»

Shafi da ba'a sani ba