Akwatin Da Ba Zai Dauki Mafarkai Ba
صندوق لا يتسع للأحلام: مجموعة قصصية
Nau'ikan
ما زال وجه جدتي على فراش موتها حاضرا نديا في ذهني، وهي تناجي ولدها البكر، وتعتب عليه لطول الغياب و«بهدلتها» من بعده. رسمت قبلة لجدي، ثم شحب وجهها قبل أن يتلقاها.
كبرت ورسمت لي صفا، جعلتني الأولى والوحيدة به. كنت الأولى في صفوفي الدراسية، والوحيدة ذات الطبائع الغرائبية التي كانت محضرا لسخرية إخوتي، كذلك اليوم الذي حضر فيه قريب لأبي، فحاول استجوابي كالعادة، ولكنه فوجئ بتمسكي باسمي منفردا، وحينما نهرني والدي أخبرته بعنجهية أنني «لا أعرف بغيري»!
صرخاتي اليوم تذكرني بصرخات أمي. أشد على أصابعها، مصرة على ألا يدخل أبي وإخوتي؛ لئلا يطلعوا على ضعفي. وحينما يتردد في الغرفة صريخ خافت، أحتضن طفلتي. يسألني الطبيب عن اسمها ليدونه في بطاقتها الملفوفة حول معصمها، فأخبره باسمها معرفا باسمي، وليس باسم والدها وسط ضحكة عاتبة من والدتي.
نظام غذائي، رجل منزوع الدسم
أفضلك كشطيرة كبرى، أقضمها علي مهل حسب تعليمات طبيبي النفسي، يعجبني كثيرا هذا الطبيب؛ فهو لا يمنعني من أطعمتي المفضلة خاصة مع إغراءاتها اللحوحة، هو فقط ينصحني بالتهامها بترو، حتى تسأمني معدتي وتتركني لحالي.
يقول لي إن «الطعام دواء»، وأنا آكل حينما أمل، وحينما أكتئب، وحينما أحزن، وفي أوقات فراغي، وحين تلاحقني نظراتك اللائمة وهي تراقب ازدياد محيط خصري، أو تعليقاتك على طبقات الدهون المتراكمة على فخذي وأنا أريك قميص نومي الجديد.
لا أضع كثيرا من الملح؛ حتى لا أضطر لشرب جرعات متتالية من الماء؛ الماء يذكرني بك حينما كنت ألجأ إليك وأخبرك باكتئابي، فتجيبني وأنت تعد قهوتك الصباحية: تناولي كوبا من الماء. ثم تبتسم في سخرية وتتركني حتى لا يبرد فنجانك.
حتى الآن لا أجيد صنع شطائري، أو بالأدق أفضلها جاهزة مثلها مثل الخيبات التي يأتينا بها الأحباء ويجيدون صنعها، رائحتها تكون دائما نفاذة، وتأتيني في أغلفة متأنقة تليق بوجه الموديل في الإعلان التليفزيوني، يغريني بابتسامته ولسانه المتدلي في إغراء وهو يلتهم شطيرته التي يعلن عنها.
تبا لهذا المعلن الذي جعل حواسي ترتعد كلما لامست هذا الساندويتش وكأنني تحت تأثير قبلة من هذا الوسيم ذي الملامح اللاتينية .
أصبحت بالنسبة إلي كشطيرة اللحم الدسمة، معظمها دهون لا تصلح للحميات الغذائية، وتخفي رداءة اللحم، ومن الأفضل ألا نتناولها مساء، وأنت لا تظهر إلا مساء، تأتيني بعطرك الذي خرج للتو من مدخنة مطعم للوجبات السريعة، وسرعان ما سيتلاشى مذاقه من روحي فلا يترك أثرا إلا تلبكا معويا حادا. سأتناول معك المرة القادمة شطيرة بدون مايونيز، يكفيني حديثك اللزج.
Shafi da ba'a sani ba