Akwatin Da Ba Zai Dauki Mafarkai Ba
صندوق لا يتسع للأحلام: مجموعة قصصية
Nau'ikan
ثم حرضت مدام سلوى على طفلها البكر، حينما أبلغتني بأنها ستكتفي، استعدادا للاجتماع العائلي، بتقليم أظافرها دون صبغها؛ لتتفادى سخرية ابنها وهو يسألها عن سبب «المانيكير» لامرأة مسنة. •••
تتأمل ضفائرها وهي مجدولة ومشدودة إلى دوبارتها، تتمنى لو تطلق سراحها حينا كتلك الفتيات المتباهيات بخصلاتهن، وبألوانهن التي تشبه أعمارهن البضة. تنتفض أحلامها الفضفاضة مع أذيال الفساتين والجونلات المتطايرة، فيما تحاول هي مقاومة هجوم أسراب الذباب المتطفل بفعل أكوام القمامة القريبة.
تؤلمها جلستها، فتفرج عن ركبتيها، وتكتفي بفردهما، حينما تنغزها تلك التي بجانبها متحفزة، فتستجيب لأوامرها. تلعن تلك الرائحة الكريهة، ووعود أمها البلهاء التي دفعتها لهذه الجلسة في ذلك اليوم.
لا يعجبها العيد ذلك العام. هل يمكنها الإفصاح عن ذلك؟ هل سيغفر الله لها كرهها ذلك الموسم المبارك؟ هل سيغضب منها، كما غضبت أمها حينما اعترضت على المجيء معها هذا العام بسبب زواج أختها الكبرى التي كانت تتولى تلك المهمة، فدعت ألا يأتي أبدا هذا العيد، فجاء رغم رجائها غير عابئ بكسر خاطرها؟
من خلف أسوار تلك الحديقة، تابعت ببصرها أفواج الأطفال مع عائلاتهم؛ تلك الضحكات الطليقة، والتحلق حول عربات غزل البنات والآيس كريم، والطراطير المفضضة. تتذكر الأعياد الماضية؛ حينما كانت أمها تطلق سراحها لدى جارتها التي لا تعبأ بلعبها مع صبية البلد أو فتياتها كما تفعل أمها.
اليوم بطوله تغيب أمها لتعود في آخر الليل منهكة القوى ورائحتها تشبه الذبيحة، وفي يديها كيسان أو ثلاثة محملة بقطع اللحم، وقطع متباينة الطول والحجم من جلد وفرو كانت تفرشها أياما في الشمس حتى تجف، ثم تبيعها في السوق.
مع حضور أول المانحين تنغزها أمها، وتدفعها للعدو إلى سيارته، تقف مع آخرين، وتمد يديها. تخرج يد ملطخة بالدماء، تذكرها برائحة أمها عند العودة من رحلة العيد، فتنتابها قشعريرة، وحينما تهم بالتراجع تدفعها أجساد أخرى وتقذفها عائدة إلى صاحب السيارة، يخرج منها ويوزع أكياسه السوداء، ثم يعود أدراجه، وتعود هي إلى قرفصتها.
بعد حين دفعتها أمها للقيام. تحركت معها غير مبالية بين شوارع عدة، حتى وصلت إلى صوان كبير. سدت أنفها رائحة الموت. جرتها أمها جرا.
وقفت تتأمل الجموع المنتصبة حول دائرة أصغر في المنتصف، أحدهم يقف وبيمينه أدوات حادة تشبه السكين ولكنها أكبر، وتحت قدميه ينتحب خروف، يثبت أطرافه اثنان آخران، وبضربة من قبضة يده الممسكة بالسكين يقطع أوردة رقبته، ثم يتركه في انتفاضته الأخيرة دقائق عدة قبل سلخه.
لم أردد في هذا العيد تكبيراته، ولم أنتفض فرحة كبقية الصبايا، بل ازداد كرهي للعيد مع كل هذه السيول الدامية، وأكوام جثث الخراف والبقر وبقاياها المتراصة. ترغمني أمي على الانتظار، بينما تتطاير دموعي حزنا على الفقيد، فيما تنتصب سعادة في عين أمي حينما تنال نصيبا أكبر كرما لأجلي، كما أخبرها صاحب «المأتم». •••
Shafi da ba'a sani ba