وأما هذا أبو الحسن المدفون بالمخا فلم أقف له على ترجمة (1).
والإجماع على أنه الذي أظهر القهوة المتعارفة في هذا الزمان ، التي طبقت شهرتها العالم. والقهوة في الأصل من أسماء الخمرة ، ثم أطلقت الآن على ما يطبخ من البن ، أو قشره.
قيل : وسبب اهتدائه إليها أنه كانت له لقحة (2) يسرحها كل يوم للرعي ، وكانت ترعى ثمرة هذه الشجرة ، فاستطاب لبنها طعما وخاصية ، فتبعها يوما فرآها ترعى هذه الثمرة فجنى منها شيئا وقلاه واستعمله ، فأحدث في نفسه نشاطا وأريحية ، فواظب على استعماله. ثم طبخه فرآه أجدى من استعماله مقليا ، فلم يزل الأمر يزيد حتى بلغ هذه الشهرة.
وقرأت بخط بعض فقهاء اليمن أنها حدثت في القرن الثامن أو التاسع ، قال بعضهم أنها تطيب النكهة ، وتصفي البدن ، وتعين على العبادة.
وأخبرني بعض الأصحاب أنه وقف على رسالة لبعض فضلاء اليمن في الكلام على تحليلها وخواصها ومنافعها (3).
قلت : وهي على مقتضى ما ذهب إليه جماعة من الإمامية ، ومعتزلة بغداد حرام ، لأنهم ذهبوا إلى تحريم الأشياء التي ليست باضطرارية قبل ورود الشرع ، وجنح إلى هذا القول الشيخ أبو علي بن أبي هريرة من فقهاء الشافعية ، وذهب معتزلة البصرة وباقي الإمامية إلى الإباحة ، وتوقف الأشعري ، واختلف في معنى توقفه. والحق الإباحة ، والمسألة أصولية يطلب تحقيقها من مظانها. وبالجملة فلم يتوقف أحد في استعمال هذه القهوة ، لا معتزلي ولا أشعري ولا غيرهما والأشاعرة أرغب فيها من غيرهم ، وقد تلقتها الأمة بالقبول.
Shafi 89