عادته في كتابه. وكانت اليمن هي مقر ملوك التبابعة وغيرهم من ملوك العرب ، وهي من الإقليم الثالث ، وأسلم أهلها سلما على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وورد بفضلها كثير من الأخبار والآثار ، ووصفها بعض العرب فقال : تضعف الأجسام ، وتقوى الأفهام. لأهلها هم كبار ، ولهم أحساب وأخطار ، مغايضه (1) خصبة وأطرافه جدبه ، في هوائه انقلاب ، وفي سكانه اغتيال (2)، ولهم قطعة من الحنين ، وشعبة من الرقة ، وفقرة من الفصاحة.
وكانت لشيخنا المذكور مع إمام اليمن اسماعيل المقدم ذكره مناظرات ، ومنها الكلام على المنزلة بين المنزلتين. فإن اعتقاد الزيدية والمعتزلة : أن الفاسق يخرج بفسقه عن حد الإيمان ولا يصل إلى مرتبة الكفر. وهذه المقالة أول من ذهب إليها واصل بن عطاء المعتزلي المعروف بالغزال (3). قال السمعاني في كتاب الأنساب في ترجمة المعتزلي : إن واصل بن عطاء كان يجلس إلى الحسن البصري ، فلما ظهر الاختلاف وقال الخوارج بتفكير مرتكبي الكبائر وقالت الجماعة بأنهم مؤمنون وإن فسقوا بالكبائر خرج واصل بن عطاء عن الفريقين وقال : إن الفاسق من هذه الأمة لا مؤمن ولا كافر ، منزلة بين منزلتين ، فطرده الحسن عن مجلسه فاعتزل عنه ، وجلس إليه عمرو بن عبيد (4) فقيل لهما ولأتباعهما : معتزلون ، وألف مولانا الشيخ في الرد عليهم رسالة.
ومنها أنه سأله عن إمامة نفسه وقال : ألست بإمام حق؟ قال : لا. والزيدية يجوزون أن كل من يكون عالما زاهدا شجاعا خرج بالسيف يكون إماما واجب الطاعة سواء كان من أولاد الحسن ، أو من أولاد الحسين. وعلى هذا قالت طائفة منهم بإمامة محمد وابراهيم الإمامين ابني عبد الله بن الحسن
Shafi 70