وقال آخر (1):
سأضرب في بطون الأرض ضربا
وأركب في العلى غرر الليالي (2)
وليكن هذا آخر المقدمة وفيه كفاية لمن لحظته العناية. وأما أنا فأقول : إذ كنت في غنى عن هذا المنقول :
لقد ظلمتني واستطالت يد النوى
وقد طمعت في جانبي أي مطمع
وكان السبب في تجرع مرارات النوى ، وتحمل حرارات الجوى ، وفراق الأهل والوطن ، والبعد عن السوح المحترم والحرم المؤتمن ، أن قضى الله على الوالد بفراقه لتلك المواطن واغترابه عن هاتيك المنازل والمعاطن ، مدعوا إلى الدكن من الديار الهندية ، مجلوا على السكن في ظلالها الندية ، ففارقنا والحال حويلة ، والبحر دجيلة ، والفصال لم يبلغ حده ، والوصال قد ثلم البين حده ، وذلك عام أربعة وخمسين وألف من الهجرة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام والتحية.
وكان قد استدعاه إلى تلك الديار مليكها الأعظم ومالكها السلطان المعظم ، الملك الذي انعقدت كلمة الإجماع على شوكة سلطانه ، وتلت الخلائق سور عدله وإحسانه ، وأصبحت الأملاك خاضعة لدولته وعزة شأنه ، مستسلمة لأقضية صولته ، وأحكام سيفه وسنانه ، ذو الصفات التي أشرق بها بدر الملك وشمس الخلافة ، والحكم الذي جرى القضاء على طبقه فلم يستطع أحد خلافه. والهمم التي أضحت الأماني دون منتهاها صرعى ، ورجعت
Shafi 26