القسم الرابع: قوم يقولون: نحن لا ننظر نظر شهوة وإنما ننظر نظر اعتبار ولا يضرنا النظر، وهذا محال منهم فإن الطباع تتساوى فمن ادعى تمييزه عن أبناء جنسه في الطبع ادعى المحال كما تقدم.
القسم الخامس: قوم صحبوا المردان ومنعوا أنفسهم من الفواحش يعتقدون ذلك مجاهدة وما علموا أن أن نفس صحبتهم والنظر إليهم بشهوة معصية.
القسم السادس: قوم لم يقصدوا صحبة المردان وإنما يتوب الصبي ويتزهد ويصحبهم على طريق الإرادة فيلبس عليهم إبليس ويقول: لا تمنعوه من الخير، ثم يتكرر نظرهم إليه لا عن قصد فيثير في القلب الفتنة ويتمنى إلى أن ينال الشيطان قدر ما يمكنه، وربما وثقوا بدينهم فاستفزهم الشيطان ورقاهم إلى أقصى المعاصي كما فعل برصيص وغلطهم من جهة تعرضهم للفتن في صحبة من لا يؤمن من الفتنة في صحبته.
استلحاق نقله شيخنا عن عبد الله بن عطاء ﵀ قال: وعليك أيها المؤمن بغض بصرك في خروجك إلى أن ترجع ولتذكر قوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) الآية. ولا تكن لنعمة الله كفورا، وأمانة من الله عنده فلا تكن له خائنا وليذكر قوله تعالى: (ألم يعلم بأن الله يرى) . فإذا أردت أن ترى فاعلم أنه يرى وليعلم العبد أنه إذا غض بصره فتح الله بصيرته جزاء وِفاقًا فمن ضيق على نفسه في دائرة الشهادة وسع الله عليه في دائرة الغيب. وقال: ما غض أحد بصره عن محارم الله إلا وأوجد الله نورا ًفي قلبه يجد حلاوة ذلك.
القسم السابع: قوم علموا أن صحبة المرد والنظر إليهم لا تجوز غير أنهم لم يصبروا عن ذلك. قال أبو بكر الرازي ﵀: سمعت يوسف بن الحسين يقول: كل ما رأيتموني أفعله فافعلوه إلا صحبة الأحداث فإنها أفتن الفتن؛ ولقد عاهدت ربي أكثر من مائة مرة أن لا أصحب حدثًا.
فصل
في الردّ على طائفة من الناس وكشف فضائحهم
قال ابن الحاج في المدخل: قد ينسب إلى طائفة من الناس صحبة المرد وربما زينوهم بالحلي، ومصبغات الثياب، ويزعمون أنهم يقصدون بذلك الاستدلال بالصنعة على الصانع.
قال الشيخ الأستاذ القشيري قولًا عظيمًا في الرد عليهم وكشف فضائحهم قال: من ابتلاه الله بشيء من ذلك فهو عبد أهانه الله، وخذله وكشف عورته، وأبدى سوءته في العاجل، وله عند الله تعالى سوء المنقلب في الآجل. وقال الواسطي، وهو من كبار الصوفية: إذا أراد الله هوان عبد ألقاه إلى هولاء الأنتان الجيف، أو لم يسمعوا إلى قوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم) وقال عطاء: كل نظرة يهواها القلب لا خير فيها.
فصل
في مكائد الشيطان
1 / 20