قال شيخنا: اعلم أن عورة الرجل من سرته إلى ركبته، وهذا حدّ عورة الرجل في حق الرجل، والمرأة في حق المرأة. وأما المرأة في حق الرجل الأجنبي: فكلها عورة إلاّ أن تكون أمة فحدّ عورتها في حق الرجل كحدّ عورة الرجل مع الرجل، إلاّ أنه يكره له النظر منها ما يحرم عليه في حق المرأة خوف الفتنة. وأما ذوات المحارم: فيجوز النظر منهن إلى ما جرت به العادة بظهوره كاليدين والقدمين وبعض الساق، وبعض الذراع وإنما عفى عن ذلك لأجل المشقة. وأما عورة المسلمة في حق الذمية: كعورة المرأة مع الرجل. الرجل وأما النظر إلى عورة الطفل إلى ما دون سبع سنين لا يثبت فيه حكم العورة وبهذا يجوز للمرأة تغسيله، وللرجل أن يُغَسّل الصبية إذا كان لها دون سبع سنين، ومما يتأكد غضّ البصر عنه - سيما في الحمام - الغلام الأمرد - سيما - الجميل الصورة. وقد قال النبي ﷺ لعلى كرم الله وجهه: " لا تُتْبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الأخرى " وقال: كتب إبراهيم بن أدهم إلى سفيان الثورى: " من أطلق نظَرة طال أسفُه، ومن أطلق أمله ساء عملُه، ومن أطلق لسانَه قتل نفسه. وقال ﷺ: " النظر إلى محاسن الأمرد سهم مسموم ". ويحرم على الولى تمكينه من الدخول مع الرجل أو الرجال الذين ليسوا بمحارم له، لأن الخلوة بالأمرد كالخلوة بالمرأة. كما ذكره النووي ﵀ في فتاويه وسواء ويحرم على الرجل والمرأة النظر إلى وجه الأمرد بشهوة ونظرها على الصحيح والمرأة يحرم عليها النظر إلى غير زوجها إلا أن يكن ممن يحل النظر إليه. ويحرم عليها أن تنظر من المرأة إلى ما بين سرتها وركبتها، والأصح تحريم نظرة الكافرة إلى بدن المسلمة، ويحرم على المسلمة التعري بحضرة الكتابية، ويحرم دخول الحمام مع الكتابيات والحربيات، فإن دخلت معهن سترت جميع بدنها إلا ما يبدو حال المهنة لا غير قال الإمام العلامة الشيخ عز الدين بن عبد السلام: إن المرأة الفاسقة حكمها حكم الذِّمِّية في ذلك، فيحرص ولاة الأمر على منع الذميات والفاسقات من دخول الحمام مع المحصنات من المؤمنات، فإن تعذر ذلك لقلة مبالاة ولاة الأمور بإنكار ذلك فلتحرز المؤمنة الحرة من الكافرة والفاسقة. وعن قيس بن الحارث ﵁ قال: كتب عمر ﵁ إلى أبي عبيدة بن الجراح: أنه بلغني أن نساء المسلمين قِبَلَك يدخلن الحمامات مع نساء المشركين، فإنه نهى عن ذلك أشد النهى، فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن يرى عورتها غير أهل دينها، وأن لا يرى شيء من جسدها غير الوجه والكفين خارج الحمام فقال أبو عبيدة - وهو غضبان - ولم يكن غضوبًا: " اللهم أيما امرأة دخلت الحمام من غير علة ولا سقم، تريد بذلك تبيض وجهها، لا بيض الله وجهها يوم تبيض الوجوه ". وأما الأمة فيحرم لغير وليها النظر إليها وساعد الحرة، وشعر رأسها، وشعر عانة الرجل وما أشبهها يحرم متصلا، وكذا منفصلا على الأصح، وعلى الأصح أيضًا، يحرم النظر إلى قُلاَمَةِ رِجْلِ المرأة دون قُلامة يدها، ويكره نظر الرجل والمرأة إلى فرج نفسه بلا حاجة. وأما نظر الزوجين إلى فرج الآخر: فيه وجهان: أحدهما تحريمه، وأحدهما يكره إلا " حلقة الدبر ". ويحرم على الرجل لمس فخذ الرجل بلا حائل، وكذا من فوق إزار إن خاف الفتنة. ويحرم مس كل ما جاز النظر إليه من المحارم، فلا يجوز للرجل أن يمس بطن أمه ولا ظهرها، ولا أن يغمز ساقها ولا رجلها، ولا أن يقبل وجهها، وكذا لا يجوز أن يأمر ابنته أو أخته بغمز رجليه ولا تُكَبِّسُه. وقال أبن الحاج: لا يجوز أن يجتمع مستور العورة مع مكشوف العورة تحت سقف واحد.
مواضع جواز كشف العورة:
واعلم أن كشف العورة لا يجوز إلا في أربعة مواضع: حالة الجماع تحت إزار، وحال قضاء الحاجة داخل الخلاء، ومستور العورة في الصحراء، أو حال الاغتسال مستترًا في خلوة وغيرها، ولو اغتسل مستور العورة جاز، وعند رؤية الطبيب. والتكشف جائز في هذه الحالات مدة الحاجة في جميع هذه الحالات، والزيادة على قدر الحاجة حرام على الأصح لأن ستر العورة في الخلوة واجب على الأصح ذكره النووي في شرح مسلم. ويحرم النظر بشهوة إلى غير الأمرد من الرجال والمحارم والشيوخ والعجائز.
النظر إلى بيوت الناس:
1 / 12