أما صلاح الدين فقال: «لا بد من وسيلة نتخذها لنتجنب شر هذه الطائفة. إننا غير متفرغين لمراقبتها.»
فتصدى عماد الدين قائلا: «إن مراقبتها لا تفيد شيئا، ولا بد من قطع دابرها.» قال ذلك وعيناه تدلان على ما يعنيه من العزم الأكيد.
فأجابه نجم الدين: «ماذا تعني؟» قال: «إذا أذن لي في إبداء الرأي فعندي أن أحسن دواء لهذا الداء أن يقتل رئيس هذه العصابة فتتفرق عصابته.» فقال نجم الدين: «هذا أمر شاق لا سبيل إليه؛ لأن القوم معتصمون في الجبال الوعرة وعيونهم مبثوثة في كل مكان. وقد علمنا الآن أن منهم أناسا في هذا القصر فكيف يتأتى الوصول إلى رئيسهم وقتله؟»
قال عماد الدين: «إن من يحب مولاه يتفانى في خدمته كما قلت يا سيدي. فكما يستطيع الإسماعيلي الملعون أن يدخل غرفة السلطان صلاح الدين ويعمل ما عمله، فيمكن لسواه أن يدخل على زعيم الإسماعيلية ويغرس هذا الخنجر في صدره. وإذا قتل بعد ذلك فقد أدى واجبا لينقذ أنفسا شريفة من الفتك؛ لأن هذا اللعين لا يتعمد إلا قتل العظماء. فالموت في سبيل قتله فخر يتطلبه كل أبي النفس.»
فأحس نجم الدين أن الشاب يعني أن يذهب هو نفسه في هذه المهمة، فأراد أن يثني عزمه حرصا على حياته لاعتقاده بالخطر الذي يهدده فقال: «إن هذا الأمر لا يقدم عليه إلا المجنون، ولكنا لا نعدم وسيلة أخرى لاسترضائهم بالمال، فإنهم كثيرا ما يرتكبون القتل طمعا فيه؛ إذ يغريهم بعض رجال السلطة بقتل أعدائهم.»
فقال عماد الدين: «صدقت يا سيدي قد يسترضون بالمال ، ولكن هذا لا نهاية له. وأما إذا قتل زعيمهم فإن دابرهم ينقطع.»
فقال: «ليس هذا بالرأي الصواب لأنه صعب، ولا تجد من يقدم عليه إذا عرف خطره.»
فقال عماد الدين وهو يشير بيده إلى صدره وعيناه تلمعان حماسة: «هذا عبدك عماد الدين يقدم نفسه للقيام بهذه المهمة من هذه الساعة، وأرجو ألا ترد طلبي.»
فقال نجم الدين: «بارك الله فيك، إنها حمية يندر مثالها. ولكننا في حاجة إليك هنا.»
فقال: «وما الفائدة من وجودي هنا وهذه أول ليلة من حراستي أوشك مولاي السلطان أن يقتل فيها. أما ذهابي فأرجو أن يكون قاطعا فاصلا، أستحلفك برأس مولانا السلطان صلاح الدين أن تأذن في قيامي بهذه المهمة وهذا شرف كبير لي.»
Shafi da ba'a sani ba