Sahiyuniyya ta Duniya
الصهيونية العالمية
Nau'ikan
وقد كان من رأينا أن مثل هذه الحركات ينبغي أن تفهم مع فهم بواعثها في نفوس أصحابها والقائمين بها، وأنه لا سبيل إلى فهمها بغير ذلك.
وهكذا ينبغي أن تفهم الحركات الحديثة في الغرب، وتفهم معها العوامل الصهيونية التي تحركها سرا وعلانية، ليتبين ما فيها من حق وباطل، تنكشف بواعثها وأغراضها الحميدة والذميمة.
وقد قلنا منذ سنوات في مقال عن الوجودية: «لن تفهم المدارس الحديثة في أوروبا ما لم تفهم هذه الحقيقة التي لا شك فيها، وهي أن أصبعا من الأصابع اليهودية كامنة وراء كل دعوة تستخف بالقيم الأخلاقية، وترمي إلى هدم القواعد التي يقوم عليها مجتمع الإنسان في جميع الأزمان. فاليهودي كارل ماركس وراء الشيوعية التي تهدم قواعد الأخلاق والأديان، واليهودي دركيم وراء علم الاجتماع الذي يلحق نظام الأسرة بالأوضاع المصطنعة ويحاول أن يبطل آثارها في تطور الفضائل والآداب، واليهودي - أو نصف اليهودي - سارتر وراء الوجودية التي نشأت معززة لكرامة الفرد فجنح بها إلى حيوانية تصيب الفرد والجماعة بآفات السقوط والانحلال.
ومن الخير أن تدرس المذاهب الفكرية بل الأزياء الفكرية كلما شاع في أوروبا مذهب جديد. ولكن من الشر أن تدرس بعناوينها وظواهرها دون ما وراءها من عوامل المصادفة العارضة والتدبير المقصود.»
وهناك أمثلة على هذه العصبية من نوع آخر، تعزز كل ما قدمنا، وتؤكد لنا أن هذا الداء العياء لم يسلم منه أحد بينهم حتى العلماء «المستقلين».
من ذلك فرويد صاحب المذهب المشهور في الطب النفساني، وإن كان ليقال فيه ما قلنا عن ماركس ودركايم وسارتر، إنه كان من وراء علم النفس الذي يرجع كل الميول والآداب الدينية والخلقية والفنية والصوفية والأسرية إلى الغريزة الجنسية، ويحاول أن ينسخ قداستها ويخجل الإنسان منها، ويسلبه الإيمان بسموها وسمو مصدرها حين يردها إلى أدنى ما يرى هو في نفسه، وبهذا تتمزق صلاته بأسرته ومجتمعه والكون وما وراءه.
ويبدو فرويد «مستقلا» بعلمه عن «يهوديته»، ولكنه كان في الحقيقة لا يطمئن إلى أحد في عمله إلا أن يكون من «اليهود»، ولا يثق بعمل مساعد له من غير ملته في المستشفى والمعمل ومعهد التطبيب.
وكان من المولعين بالعقد النفسية، وكنا ولا نزال نرى أن الولع بهذه العقد قد يكون إحدى العقد النفسية، وأن المكثرين من الحديث عنها قلما يسلمون من مركبات النقص وما إليها، وكذلك عاش فرويد.
وكان الدكتور إرنست جونس أكبر تلاميذه الأحياء قد أصدر الجزء الثاني من ترجمة أستاذه، وجاء فيه بشواهد كثيرة تعزز هذه الملاحظة، ولم يقصد بروايتها غير تقرير الحقائق، لأنه من المعجبين بالأستاذ إعجاب التقدير والوفاء. من تلك الشواهد الكثيرة أن فرويد كان يتبع أوراقه فيحرقها قبل أن يتمكن أحد من الاطلاع عليها.
ومنها أنه كان إذا نوى السفر ذهب إلى المحطة قبل وصول القطار بنحو ساعة.
Shafi da ba'a sani ba