كان على السيد «رايت» أن ينتهي من العمل في ذلك الطريق قبل يونيو، ولم يجد أمامه سوى اختيار واحد، وجد نفسه مضطرا لاستخدام عمال بدون أجر، فطلب تصريحا بذلك، ثم وافق الكابتن «وينتربوتوم» لبعض الاعتبارات قائلا في رسالته: إن سياسة الإدارة تفرض الرجوع إلى تلك الطريقة، وإنما فقط في ظروف استثنائية، ولكن من اليسير اعتبار القوميين استثناء في ظل المبدأ القائل بأن العامل مساو لمستأجره.
كان السيد «رايت» قد جاء من المعسكر الذي يبعد خمسة أميال لتلقي هذا الرد .. حدق في الورقة، ثم طبقها بدون عناية، ووضعها في جيب بنطاله الكاكي القصير.
قرر رؤساء «أوموارو» عندما علموا بالطريق الجديد أن يقدموا المساعدة، فعقدوا اجتماعا لاختيار مجموعتين من أصغر الأجيال، واقترحوا تسمية المجموعة الأولى «أوتاكاجو» والمجموعة الأخرى «أوموماوا»، ولم تتفق كلتا المجموعتين إحداهما مع الأخرى أبدا، وكانتا مثل أخوين ناجحين دائما ما يتشاجران، وكان اجتماعهما يتسم دائما بالعداء وكأنه لقاء بين النار والبارود، كما كان طريقهما مختلفا، واتفقتا على العمل بالتناوب في أيام «إيك»، مما اضطر الرجل الأبيض أن يغير نظام الدفع الذي كان منتظما.
التحق «موسى أوناشوكو» النجار بالمجموعتين رغم كبر سنه، وكان هذا لمعرفته لغة الرجل الأبيض، فعمل على تنظيمهما وتلقي الأوامر من الرجل الأبيض؛ لكن السيد «رايت» ارتاب منه في البداية كما يرتاب من كل القوميين، لكنه سرعان ما اكتشف أهميته حتى فكر في تقديم جائزة له بعد الانتهاء من الطريق.
ارتفع اسم «أوناشوكو» عاليا في سماء «أوموارو»؛ فقد كان الوحيد الذي يتحدث بلغة الرجل الأبيض. وانتشرت القصة في القرى الست، وصار الجميع يتحدث عن «أوناشوكو». غير أن «إيزولو» شعر بأسف شديد؛ لأن رجلا من «أومونيورا» ينال كل هذا التقدير، لكنه سرعان ما تذكر أن ابنه سيحصل قريبا على نفس هذا الشرف العظيم.
كان «أوبيكا» بن «إيزولو» وصديقه «أوفيدو» ينتميان إلى مجموعة «أوتاكاجو»، التي كان دورها في العمل اليوم التالي للاحتفال بأوراق القرعة .. كانا قد شربا كثيرا من النبيذ ليلة الاحتفال، وحين ذهبت المجموعة إلى العمل كان «أوبيكا» و«أوفيدو» نائمين .. فشلت أم «أوبيكا» وأخته في إيقاظه؛ فقد عاد - كعادته دائما - إلى البيت عند الفجر مترنحا.
كان «أوبيكا» و«أوفيدو» يشربان النبيذ في يوم الاحتفال مع ثلاثة رجال آخرين في السوق حين صمم أحد الرجال أن يتحداهم، وتحدث عن كمية النبيذ التي يستطيع الرجل السكير أن يشربها دون أن يفقد وعيه.
قال أحد الرجال: إن ذلك يرجع إلى نوعية النبيذ.
فقال صديقه «مادوكا»: نعم، نوعية النبيذ.
وقال «أوفيدو»: لا، ليس كما تقولون، بل يرجع إلى الرجل الذي يشرب؛ فلو أنك أحضرت أي نوع من النبيذ في «أوموارو»، فإنني سأواصل الشراب منه بلا انقطاع حتى تنتفخ بطني، ثم سأعود إلى البيت يقظا.
Shafi da ba'a sani ba