141

توقف عن الحديث ليمنح «إيزولو» الفرصة كي يجيب، لكنه لم يفعل، فاستطرد «أوفوكا»: يجب ألا أرفض الاستماع إلى أعدائي إذا تحدثوا بالحقيقة لمجرد أنهم أعدائي، وما قاله «واكا» كان حقيقة؛ فهو الذي طالب بأهمية الذهاب إلى الرجل الأبيض لأنه يعرفك .. ألم تكن تلك حقيقة؟ .. نعم لقد تحدث بحقد لكنه قال الحقيقة؛ فلا أحد من بيننا استطاع أن يواجه الرجل الأبيض كما فعلت أنت؟ .. مرة أخرى، لا، إذا لم يرقك كلامي فأبلغني بعدم الحضور إلى منزلك مرة ثانية، إنني ذاهب.

حسم «أوفوكا» كل الأفكار التي كانت تدور برأس «إيزولو» في الأيام الثلاثة الماضية، وربما لو تحدث «أكيوبو» بنفس الكلمات لما اتسمت بمثل هذه القوة، ولكنها وقد صدرت من رجل ليس هو بالصديق أو العدو جعلت «إيزولو» يصل إلى ما يريد.

نعم، إنه لمن الصواب أن يواجه كبير الكهنة الخطر قبل أن يصل إلى شعبه، إنها مسئولية الكهنوتية، كما حدث يوم أن اجتمعت القرى الست وقالوا لجد «إيزولو»: سوف تتحمل الألوهية من أجلنا.

كان خائفا في البداية؛ فأي قوة في جسده تلك التي يتحمل بها مثل ذلك الخطر الكبير؟ لكن أهله وشعبه وقفوا من خلفه مساندين إياه، وبدءوا يعزفون الفلوت.

استدعى «إيزولو» ابنه «أودوش» وسأله: ماذا تفعل؟ - إنني أنسج السلة. - اجلس.

جلس «أودوش» فوق السرير الطيني في مواجهة والده، وبعد وقفة قصيرة بدأ «إيزولو» في الحديث مباشرة مذكرا «أودوش» بأهمية أن يعرف ما يعرفه الرجل الأبيض؛ حيث قال: أرسلتك لكي تخبرني بكل ما يحدث هناك، ألا تستمع لما يقوله الناس، الناس الذين لا يعرفون يمينهم من يسارهم، قلت لك من قبل إن الرجل لا يكذب على ابنه، وإذا سألك أي شخص عن سبب ذهابك وتعلمك تلك الأشياء الجديدة، فأخبره بأن على الرجل أن يرقص الرقصة السائدة في عصره.

حك رأسه، واستطرد بصوت فيه استرخاء: عندما كنت في «أوكبيري» رأيت شابا أبيض من النوع القادر على الكتابة بيده اليسرى، واستطعت أن أعرف من خلال تصرفاته عدم خبرته وقلة إحساسه، لكنه كان قويا واستطاع أن يصيح في وجهي، إنه يستطيع أن يفعل ما يريد، لماذا؟ لأنه قادر على الكتابة بيده اليسرى، ولقد استدعيتك لهذا السبب؛ فأنا أريدك أن تتعلم وتتفوق على ذلك الرجل تفوقا ملحوظا، كما يجب أن تتعلم حتى تكتب بيدك اليسرى، هذا كل ما أردت أن أقوله لك.

عادت الحياة إلى طبيعتها تدريجيا، بعد أن ساد القلق والحزن لغياب «إيزولو» لأكثر من قمر كامل، وفرح الأطفال، وقالت «أوبياجيلي» لأمها «أوجوي»: أخبرينا بالقصة. - هل أحكي لك القصة والأواني قذرة هكذا؟

سارع «وافو» و«أوبياجيلي» إلى العمل، وقاما بتحريك الجرن الصغير المخصص لطحن الفلفل، ووضعوا الأواني الصغيرة فوق عارضة البامبو، ثم غيرت «أوجوي» بنفسها الشمعة الصغيرة بأخرى جديدة.

التهم «إيزولو» كل العشاء الذي أعدته له «أوجوي»، وذلك ما يجعل أي امرأة تشعر بسعادة كبيرة، لكن هناك دائما ما يفسد سعادة المرء، إنها «ماتيفي» الزوجة الأولى التي تشعر بالغيرة من أي شيء تفعله «أوجوي»، فإذا كانت وجبة «أوجوي» متواضعة فإن «ماتيفي» تتهمها بتجويع أطفالها لشراء أساور من العاج، وعندما يكون الطعام جيدا مثل هذه الليلة فلا بد أنها تتطلع إلى رضاء زوجها وطلب شيء ما منه، لم تكن «ماتيفي» تقول أي شيء من ذلك مباشرة إلى «أوجوي»، لكن كل ما كانت تثرثر به كان يوحي بذلك.

Shafi da ba'a sani ba