130

قال «أكيوبو» باهتمام بالغ: أوه، أخدع نفسي لو قلت لك إنني كنت سعيدا مع «أودينكو»، نعم هي ابنتي، وقد قلت لها مرارا أن المرأة التي يقف رأسها فوق رقبة متصلبة - كما لو أنها تحمل إناء من الماء - لا تعيش طويلا مع أي زوج، لم أسمع ما قاله نسيبي، ومن خلال ما قالته «أودينكو» أستطيع القول بأن سبب الشجار تافه وصغير؛ فقد أشار زوجها إلى أحد الديوك، وطلب من الأطفال أن يمسكوه ويربطوه جيدا لتقديمه كقربان، ثم تبين أنه ديك «أودينكو»، فبدأت في الشجار.

استطرد «أكيوبو» وقال: هكذا قالت لي، فسألتها إذا كانت تقبل بذهاب زوجها إلى السوق لشراء ديك بينما تحتفظ هي بالدجاج.

أجابتني حينئذ وقالت: ولماذا ينبغي أن يكون دائما ديكي، وماذا عن الزوجة الأخرى؟ أم أن الأرواح لا تأكل إلا من طيور «أودينكو»؟

قلت لها: كم مرة أخذ الديك الخاص بك؟ وكيف لرجل أن يعرف الديوك التي تخص كليكما.

لم تجب، وكل ما كانت تعرفه أن نسيبي يتذكرها كلما أراد قربانا. - أهذا كل شيء؟ - كل شيء.

ابتسم «إيزولو» وقال: وكأن أقرباءنا يقدمون القرابين في كل سوق! - هذا بالضبط ما قلته لها، غير أنها كما قلت مثل أمها، إن غضبها الحقيقي يتمثل في أن زوجها لم يضع جبهته في الأرض كي يتوسل إليها.

التزم «إيزولو» الصمت لحظة، وبدا كأنه يستعيد الحدث، ثم قال: كل رجل له طريقة خاصة في معاملة أهل منزله، فإذا أردت أنا شيئا كهذا فإنني أستدعي إحدى زوجاتي، وأقول لها بأنني أريد ذلك الشيء كقربان فاذهبي وأحضريه، رغم أنني أستطيع الحصول عليه دون استدعاء أي واحدة منهن، ولكنني أطلب منها أن تذهب وتحضره بنفسها.

أضاف «إيزولو» وقال: عندما كنت صغيرا أخبر أبي صديقه بأن إحدى عادتنا ألا يتوقع الرجل الركوع على ركبتيه وضرب جبهته على الأرض أمام زوجته، طالبا منها الغفران، أو أملا في معروف، لكن الرجل الحكيم يعرف أن الحاجة بينه وبين زوجته قد تصل إلى حد أن يعتذر لها في السر؛ فعند حدوث مثل تلك الأشياء لا يجب أن يعرف أحد، ولا يجب للمرأة أن تتفاخر بذلك، أو تفتح فمها بالحديث، كان هذا ما قاله أبي لصديقه، فلم يخطئ أبدا في بيته، ولم أنس قط تلك الكلمات.

وافق «أكيوبو» وقال: صواب ما قلت، وليت نسيبي سمع مثل هذه الكلمات، وفيما يتعلق بابنتي فلا أريد لها أن تحمل طفلها الصغير فوق ظهرها، وتمسك بالأكبر منه في يدها عائدة إلي كلما زجرها زوجها، إن أمي لم تكن تتصرف هكذا، ولكن «أودينكو» تعلمت ذلك من أمها التي هي زوجتي، وسوف تعلم أطفالها نفس الشيء؛ فعندما تأكل أنثى البقر العشب الكبير فإن وليدها يراقب فمها.

في اليوم الرابع ل «إيزولو» في «أوكبيري» تلقى استدعاء مفاجئا لمقابلة السيد «كلارك»، فتبع الرسول الذي جاء بالأمر إلى الردهة المؤدية لمكتب الرجل الأبيض؛ حيث كان بعض الناس يجلسون فوق أريكة طويلة والبعض الآخر فوق الأرضية الأسمنتية، ترك الرسول «إيزولو» في الردهة ودلف إلى الحجرة الملاصقة؛ حيث يعمل كثير من الناس فوق مكاتب مختلفة في خدمة الرجل الأبيض، شاهد «إيزولو» الرسول من خلال النافذة وهو يتحدث إلى رجل يبدو أنه رئيس أولئك الموظفين، وأشار الرسول في اتجاه «إيزولو»، فتبعه الرجل الآخر بعينيه ورأى «إيزولو»، ثم أومأ برأسه، وعاد للكتابة في دفتره الكبير، وبعد انتهائه من الكتابة فتح الباب الذي يصل إلى الردهة بالحجرة، واختفى في حجرة أخرى سرعان ما خرج منها، ثم أشار إلى «إيزولو» الذي تبعه إلى الرجل الأبيض، والذي كان أيضا يكتب بيده اليسرى .. قال المترجم بعد أن تحدث الرجل الأبيض: هل اسمك «إيزولو»؟

Shafi da ba'a sani ba