الأخرى من الاتصال، والسلامة من الانقطاع والتدليس، والإرسال والشذوذ، وغيرها من العلل التي تُشتَرط السلامة منها في صحة السند؛ فأمْر مسكوت عنه لديه، لم يقصد توفرها فيه، وإلا لصرَّح بصحة الإسناد كما فعل في أسانيد أخرى، وهذا ظاهر لا يخفى بإذن الله، وانظر على سبيل المثال الحديث (٥٦٣ - ضعيف) كيف أعلَّه المنذري بالإرسال مع كون رجاله إلى مرسله رجال الصحيح! ونحو الحديث (٦٠٩ - ضعيف)، أعلَّه بالانقطاع، مع كون رجاله كلهم رجال الصحيح، ولذلك قال الحافظ في "التلخيص" (ص ٢٣٩) في حديث آخر: "ولا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحًا، لأنّ الأعمش مُدلِّس ولم يذكر سماعه".
ثانيًا: قد تبين لي بالتتبع والاستقراء أنه كثيرًا ما يكون في السند الذي قيل فيه: "رجاله ثقات" من هو مجهول العين أو العدالة، ليس بثقة إلا عند بعض المتساهلين في التوثيق كابن حبان والحاكم وغيرهما، ومن قيل فيه: "رجاله رجال الصحيح"، أنه ممن لم يَحتجَّ به صاحب "الصحيح"، وإنما روى له مقرونًا بغيره، أو متابعة، أو تعليقًا، وذلك يعني أنه لا يُحتجَّ به عند التفرّد.
وإذا عرفت هذا، فمن الواضح أن هذا القول وذاك لا يعني دائمًا أنّ الرجال ثقات، أو أنهم محتج بهم في "الصحيح"، وبالتالي فلا يستلزم في الحالة المذكورة تحقُّق الشرط الأول، بله الشروط الأخرى. فكم من حديث صحّحه الحاكم مثلًا تصحيحًا مطلقًا تارة، ومقيَّدًا بشرط الشيخين أو أحدهما تارة أخرى، وهو في كثير من الأحيان مُتعقَّب من المنذري وغيره كما ستراه في "ضعيف الترغيب"، فانظر فيه على سبيل المثال الأحاديث (٢١ و١٧٧ و٤٠٩ و٤١٦ و٤١٨ و٤٨٠ و٦٦١ و٦٧١)، وفي "الصحيح" الأحاديث (٢٠٣ و٣١٩ و٤١٠