عَلَيْنَا﴾ ١ قالوا: إن الجلود في هذا الموضع كناية عن آراب الإنسان. وكذلك قوله جلّ ثناؤه: ﴿وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ ٢ إنه النكاح. كذلك: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ ٣ والغائط: مطمَئِن من الأرض. كل هذا تحسين اللفظ والله جلّ ثناؤه كريم يكُنِي كما قال في قصة عيسى وأمه ﵉: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ﴾ ٤ كنايةٌ عما لا بدّ لآكل الطعام منه.
والكناية التي للتبجيل قولهم: "أبو فلان" صيانة لاسمه عن الابتذال.
والكُنى مما كان للعرب خصوصًا. ثم تشبَّه غيرهم بهم في ذَلِكَ.
الباب الثاني من الكناية:
الاسم يكون ظاهرًا مثل: "زيد. وعمرْو". ويكون مَكْنّيًا وبعض النحويين يسميه مضمَرًا، وذلك مثل "هو، وهي، وهما، وهنَّ".
وزعم بعضُ أهل العربية أن أول أحوال الاسم الكناية، ثم يكون ظاهرًا. قال: وذلك أن أوّل حال المتكلم أن يخبر عن نفسه ومخاطَبِهِ فيقول: "أنا. وأنت" وهذان لا ظاهر لهما. وسائر الأسماء تظهر مرة ويكنْى عنها مرة.
والكناية متصلة منفصلة ومسْتجِنَّة. فالمتصلة التاء في "حملتُ. وقمتُ" والمنفصلة قولنا: "إياهُ أردْتُ". والمستجنَّة قولنا: "قام زيدٌ" فإذا كَنَيْنا عنه قلنا "قام" فَتَسَتَّر الاسم في الفعل.
وربما كني عن الشيء لم يجر له ذكر، في مثل قوله جلّ ثناؤه: ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ﴾ ٥ أي يؤفك عن الدين أو عن النبي ﷺ قال أهل العلم: وإنما جاز هذا لأنه قد جرى الذّكر في القرآن. قال حاتم٦: