ما يسمع الخالق من ناطق
انتبهوا يا قوم من نومكم
الله لا ينظر من حالق
إذا جاء اليوم السابع والعشرون من شهر رمضان؛ تزاحم الناس على الجوامع، فإذا قضوا صلاتهم، جلسوا إلى حلقات يستمعون فيها الأذكار ويكررون التسبيح ويبتهلون بالدعوات، فإذا فرغوا من ذلك عادوا إلى بيوتهم فصعدوا السطوح وفرشوا أرضها بالبسط والحصيرات، وجلسوا يرتقبون ليلة القدر.
وما أدراك ما ليلة القدر؟
ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر.
يقولون إن أبواب السماء تفتح ثلاث مرات متتابعات في ساعة من ساعات ذلك الليل، لا يعرفها أحد ولا ينتبه لها إلا من أراد الله له الخير، وتكون كل فتحة كالبارق إذا ومض، فينبغي على العاقل أن يدعو بما قل لفظه وكثر معناه، وأن يجعل دعاءه ثلاث جمل متتابعة، فيقول عند الوميض الأول: اللهم هبني مالا لا يعد، وعند الوميض الثاني: وكلمة لا ترد، وعند الوميض الثالث: وأدخلني الجنة بغير حساب.
هذا لعمر الله التلغراف اللاسلكي الرباني يراسله به عباده كل عام في ثلاث ثوان، ولقد روى لي راوية وعهدة الرواية عليه؛ أن عجوزا رأت الوميض الأخير وقد خرق الفقر أطمارها حتى أصبحت كنسج الغرابيل، فغلبت عليها القناعة، فقالت في دعائها: اللهم سد خروقي كلها. فلما أصبحت رآها الناس وقد مسحت عيناها، وسد فمها ومنخراها وأذناها سدا محكما، فماتت محبوكة الأطراف طامسة الشكل، رحمة الله عليها.
ورأى آخر ليلة القدر، وكان الشيب أنبت بشعره ثغامة فقال: اللهم اجعل بياضي سوادا، فما أصبح إلا وكله سواد يسعى في أديم، لو كان ليلة القدر لما تألق فيه بارقها.
وكان رجل لا يرزق ذرية فقال: اللهم املأ بيتي صغارا، فانتبه في الغد على صياح ملأ بيته حتى أن ظن الحيطان تتصايح، فإذا هو بنحو الخمسين صبيا لا يزيد طول واحدهم على الشبر يجاذبون امرأته ويتواثبون حول سريره. هذا يقول أبي وذاك يصيح أمي، وكلما حاول مع امرأته الهرب، حالوا بينهما وبين الباب، فرأت المرأة أن تأتيهم بشيء من اللبن في وعاء كبير لتقسمه بينهم، فوثب بعضهم في الوعاء فغرق فيه، فعلا بكاء الآخرين، فلما ضاقت الحيل بالرجل وامرأته رميا بأنفسهما من كوة تطل على الطريق وأرسلا ساقيهما للريح فرارا.
Shafi da ba'a sani ba