Zaɓin Zabura
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Nau'ikan
وذكر الشافعي في كتاب الرسالة: أن البيان اسم جامع لمعان مجتمعة الأصول متشعبة الفروع، وأقل ذلك أن يكون بيانا لمن نزل القرآن بلغتهم، وهذا لا يعقل معناه فضلا عن وقوع التحديد به.
وقد حمل أصحابه كلامه على معان أقربها ما قال قاضي القضاة: إنه أراد ما هو بيان في اللغة العربية.
وذكر شيخنا رحمه الله تعالى أن البيان قد يستعمل في معنى أعم ومعنى أخص:
فأما الأعم: فهو نصب الأدلة ولهذا يقال بين الله تعالى الأحكام إذا نصب عليها الأدلة.
وأما الأخص: فهو الأدلة التي يعلم بها المراد بالخطاب المجمل على التفصيل.
وإنما قلنا ذلك بأن ما ذكرناه هو معنى البيان؛ لأنه لا يسبق إلى الأفهام في العرف عند إطلاق اسم البيان إلا ما ذكرنا أولا، وذلك هو أمارة الحقيقة، وكذلك لا يسبق إلى الأفهام من لفظ البيان إذا قيد بالمجمل فقيل بين الله المجمل سوى ما ذكرنا بيانا، فلذلك قلنا بأن ما ذكرنا هو معنى البيان.
وعندنا أن الكلام في حد البيان يقع على وجه التحقيق وعلى وجه التمييز، فإن كان على وجه التمييز فلا أظهر من قولنا بيان، وإن كان على وجه التحقيق فهو كل دليل يكشف بنفسه عن معنى المجمل.
والدليل على صحة هذا الحد أنه يطرد وينعكس، وذلك أمارة صحة الحد.
فأما من قال البيان: هو الأدلة التي تبين بها الأحكام، فقد فسر الشيء بنفسه، والإشكال في قوله تبين بها الأحكام كالإشكال في البيان، والحد إنما يقع لرفع الإشكال.
وأما ما قال الشيخ أبو عبدالله من أنه العلم الحادث من فعل المكلف، والبيان فعل الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولأن الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ورد منهما البيان لمن نظر ولمن لم ينظر، والعلم الحادث يختص الناظرين دون غيرهم.
وأما من قال البيان: هو الدلالة من جهة القول دون ما عداه فلا يصح لأن البيان قد يقع بالأفعال والقياس كما يقع بالقول على ما يأتي بيانه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
Shafi 106