Zaɓin Zabura
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Nau'ikan
وكذلك القول إذا استويا عنده في الدين والورع، وكان أحدهما أعلم؛ فإنه يجب عليه الأخذ بفتوى الأعلم.
وقال قوم: يجوز له الأخذ بفتوى الأنقص علما ، وإن كان الأخذ بفتوى الأعلم أولى، وهذا عندنا غير صحيح؛ لأن ظنه بصحة فتوى الأعلم أغلب من حيث هو أهدى إلى طريق الإجتهاد، وأعرف بأصول الأدلة، وأثقب نظرا فيحصل غالب الظن بصحة فتواه دون الآخر، إذ لا يجوز العدول عن العمل على الظن الأقوى مع إمكان حصوله والعمل على الظن الأضعف مع إمكان الإنفصال عنه.
فإن كان أحدهما أعلم، والثاني أشد ورعا؛ فقد ذكر شيخنا رحمه الله تعالى أنه يحتمل أن يقال: إنهما سواء، ثم قال بعد ذلك: والأولى أن يأخذ بقول الأعلم لزيادته فيما يعين على الإجتهاد والوقوف على الصواب إلا أن يعلم من العالم التساهل في أمر الفتوى، فيعمل حينئذ على قول الأورع، ومثل هذا النظر لا يخفى على العوام؛ لأنه كتدبير الدنيا، ومعرفة أهل السياسة فيها من غيرهم فلم يسقط ذلك عنهم.
مسألة:[الكلام في حال المستفتي إذا استوت عنده أحوال المفتين]
فأما إن إستوت أحوال المفتين عند العامي في العلم والدين والورع على بعد ذلك؛ فقد حكى شيخنا رحمه الله تعالى اختلاف أهل العلم في أنه هل يكون مخيرا في أقاويلهم أم لا؟
فعند جماعة من العلماء أنه يكون مخيرا في أقاويلهم، وذلك هو قول الحاكم.
وذكر أبو القاسم البلخي في عيون المسائل أربعة أقوال، ولم يبين أيها يختار، فكأنه توقف.
أحدها: أن يأخذ بالأول.
والآخر: أن يأخذ بالأخف إلا في حق العباد.
والثالث: أنه تخيير.
والرابع: أنه يأخذ بأيها شاء في حقوق الله تعالى، وفي حقوق العباد يرجع إلى القاضي.
وذكر قاضي القضاة: أن المفتين متى تساووا لم يكن له الأخذ بالأخف من الأقوال طلبا للتخفيف.
Shafi 384