305

ومنهم من لم يجز تعليل الحكم بها بل قضى بفساده، وكان شيخنا رحمه الله تعالى يقول إن دل على صحتها نص أو تنبيه، وجب القضاء بصحتها وإلا وجب القضاء بفسادها.

واعلم أن الكلام فيها يبنى على ما قدمناه، فما كان له تأثير في علة الأصل قضي بصحتها سواء كان هو الدليل عليه أو غيره، وما لم يكن له تأثير في ذلك قضي بفساده؛ لأن اعتبار غير ذلك يخرج العلة عن معناها، وذلك لا يجوز.

مسألة:[الكلام في صحة العلة إذا لم تتعد]

اختلف أهل العلم في العلة إذا لم تتعد.

فمنهم من صححها على الإطلاق، وحكاه شيخنا رحمه الله تعالى عن الشافعية والقاضي والشيخ أبي الحسين البصري، وكان يذهب إليه.

ومنهم من قضى بفسادها على الإطلاق وهم أكثر الحنفية.

ومنهم من صححها في حال دون حال.

ثم اختلف هؤلاء:

فمنهم من قال: إن كانت معلومة أو معللة بالإجماع صحت، وإن كانت مستنبطة لم تصح، وحكاه شيخنا عن أبي عبدالله، والسيد أبي طالب عليه السلام، وهو الذي نختاره.

ومنهم من قال بفسادها إلا أن يدل عليها نص، وهو المحكي عن أبي الحسن الكرخي.

وكان شيخنا يستدل لما يذهب إليه بأن المنع من ذلك كان لا يخلو من أن يكون لأحد وجهين: إما لأنها لم تتعد إلى فرع مختلف فيه، أو لأنها لم تتعد إلى فرع أصلا.

قال: فإن كان الأول كان فسادها وصحتها قد وقفا على اختيار الناس للإختلاف في الفرع والإتفاق فيه، وهذا فاسد لأن العلة إن كانت وجه المصلحة فوجوه المصالح إذا حصلت في الشيء اقتضت كونه مصلحة، وإن لم يقع الإتفاق عليه أو وقع.

Shafi 330