260

والحد الثاني: الذي حكاه شيخنا عن أبي الحسين هو: أن القياس تحصيل الحكم في الشيء باعتبار تعليل غيره.

قال رحمه الله تعالى: وهذا الحد يشمل القياسين، أما قياس الطرد فقد حصل الحكم في فرعه باعتبار تعليل الأصل، وأما قياس العكس فإنه قد اعتبر فيه تعليل الأصل لنفي حكمه عن الفرع لافتراقهما في العلة.

قال رحمه الله: فهذا حد القياس على الجملة، ثم هو ينقسم إلى: قياس الطرد، وقياس العكس، وكان يصح هذا الحد ويقتضي سلامته إلا أنه يمكن نقضه بما نعلمه أن الإنسان إذا حصل الحكم في الشيء باعتبار تعليل غيره، ولم يعتبر الشبه الموجب للمماثلة، والعلة التي توجب المشاركة لم يكن قياسا عندنا؛ لأنه لو قال: البر مكيل جنس؛ لأنه يماثل المكيلات، والجوز معدود جنس ولا يجوز بيعه متفاضلا كالبر فقد حصل هاهنا الحكم للجوز باعتبار تعليل البر، ولم يكن قياسا ولا كان تحصيله قياسا لما لم يجمع بينهما بشبه، ولا تربطهما علة عند المجتهد، إلا أن يراد بهذا التحديد ما يشمل الصحيح والفاسد من الحدود فيجزي في ذلك أن يقال: القياس هو إجراء حكم الشيء على الشيء؛ فإن من فعل ذلك ولم يعتبر في القياس ما قدمنا يقال: لم قست ما لا يقاس؟ وأخطأت في هذا القياس.

فصل: [الكلام في أركان القياس]

فإن قيل: فما الأصل؟ وما الفرع؟ وما الشبه؟ وما العلة؟ وما الحكم الذي قدمتم ذكره وتكلمتم فيه؟

قلنا: إن الفقهاء والمتكلمين قد اختلفوا في أصل القياس.

فعند المتكلمين: الأصل هو الخبر الدال على ثبوت الربا في البر، والفرع هو الحكم المطلوب إثباته بالتعليل لقبح بيع الأرز متفاضلا؛ لأنه هو المتفرع على غيره دون نفس الأرز.

وعند الفقهاء: أن الأصل هو الشيء الذي يثبت حكم القياس فيه بالنص كالبر، أو يسبق العلم بحصول حكم القياس فيه.

Shafi 285