257

ولما كان كل دليل فله مدلول وجب فيما له طريقة معينة أن يدل على مدلول قال: ومدلوله لا يخلو: إما أن يكون حكما، وإما أن يكون دليلا على حكم، فما يدل على حكم مما له طريقة يسار إليها فهو القياس، وما يدل على دليل حكم منه ما يدل على علة حكم؛ لأن علة الحكم دليل على الحكم وذلك نحو ما يستدل به على أن الكيل أولى من الطعم في علة الربا، ومنه ما يدل على أن مراد الله سبحانه بخطابه المشترك نحو ما يدل على أن المراد بآية الأقرؤ -الحيض-، ومنه ما يدل على أن الله تعالى أراد بالكفارة المتعلقة بالجماع، هو أن يعلقها بهتك حرمة صوم شهر رمضان مع ضرب من المآثم، هذا هو الإستدلال على موضع الحكم عند أبي الحسن.

والصحيح: أن ذلك قياس على ما نبينه فيما بعد، فيدخل ما ذكرناه في الكفارة فيما يدل على علة حكم، فعلى هذه الطريقة يجري القول في أقسام الأمارات.

واعلم أن هذا التفصيل ذكره رحمه الله فأوردناه على ما ذكره من غير زيادة ولا نقصان، فانظر كيف عبر فيه عن الأمارة بالدلالة.

واختيارنا في قسمة أدلة الشرع: أن نقول: لا تخلو أدلة الشرع: إما أن تكون نصا أو غير نص، وغير النص لا يخلو: إما أن يكون مدلول نص أو حكم نص، أو لا يكون مدلول نص ولا حكم نص كالتقديرات وما شاكلها، فحكم النص لا يخلو: إما أن يرجع إلى أصل معين، أو لا يرجع إلى أصل معين، فما رجع إلى أصل معين فهو القياس، وما لم يرجع إلى أصل معين فهو الإجتهاد، وهما اللذان نريد ذكرهما هاهنا؛ فأما الأقسام الأولة، فقد تقدم الكلام فيها.

مسألة:[الكلام في حد القياس]

اعلم أن الواجب أن يبدأ بالكلام في حد القياس، ثم يرجع بعد ذلك إلى تفريع مسائله وأبوابه، وذكر علله وأسبابه، وذكر من خالف فيه ومن وافق، بعد معرفته بحده وحقيقته وبالله التوفيق.

Shafi 282