234

قلنا: وكذلك الأدلة التي دلت على وجوب اتباعه عليه السلام لم تفصل من ذلك بين أمر وأمر اللهم إلا أن يعلم من حالهم أنه لا يجوز مخالفتنا في هذا الرأي، وهذا من البعيد سيما في أمر الحروب وتقلب أحوالها وتصرف وجوهها.

مسألة:[الكلام في الإجماع هل ينعقد من جهة الإجتهاد أم لا؟]

اختلف أهل العلم في أنه هل يجوز أن ينعقد الإجماع من جهة الإجتهاد أم لا؟

فحكى شيخنا رحمه الله تعالى أن منهم من أبى ذلك أصلا، قال: وهم أصحاب الظاهر.

ومنهم من جوزه بالقياس الجلي دون الخفي، وهو قول بعض الشافعية.

ومنهم من جوزه مطلقا وهو قول الأكثر، وكان رحمه الله يذهب إليه، ونحن نختاره.

والذي يدل على صحته: أن القياس والإجتهاد أحد طرق الشرع فلا يمتنع رجوعهم إليه وانعقاد الإجماع لأجله.

أما أنه أحد طرق الشرع: فذلك ظاهر، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

وأما أنه لا يمنع رجوعهم إليه: فلأن المعلوم من حالهم الرجوع إلى الطريق الشرعية، فكيف يكون ما المعلوم من حالهم الرجوع إليه ممتنعا؟ وهل المانع مما هذا حاله إلا كالمانع من رجوعهم إلى التوقيف والنص؟ فكما أنه لا يجوز المنع من ذلك كذلك لا يجوز المنع من هذا، وأن كل واحد منهما طريق من طرق الشرع يجب الرجوع إليه ويصير منعنا من المنع لمن ذهب في هذه المسألة إلى خلاف ما ذهبنا إليه كمنعنا لبعض الخوارج من قصرهم الأحكام على ما يأتي به الكتاب دون المعلوم من السنة.

فكما أنا نقول لا يجوز ذلك؛ لأن كل واحد منهما دليل شرعي فلا يجوز المنع منه لغير دلالة، كذلك نقول إن القياس والإجتهاد من الطرق الشرعية التي يجب الرجوع إليها، فكما ثبت رجوعهم إلى النص والتوقيف والإجماع لأجله، كذلك لا يمتنع رجوعهم إلى القياس والإجتهاد والإجماع لأجله.

Shafi 259