Zaɓin Zabura
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Nau'ikan
فذهب شيخنا رحمه الله تعالى أن الترجيح بكثرة العدد هو قول الأكثر من أهل العلم منهم الشافعي والشيخ أبو الحسين البصري، وهو المروي عن أبي الحسن، فيجب أن يكون مذهب أبي حنيفة(1) ؛ لأنه لما ذكر الشهادة قال يجب أن تكون الشهادة على هلال شوال أقوى من الشهادة على هلال رمضان، وأوجب في شهادة رمضان واحدا وفي شهادة شوال اثنين، فاعتبر القوة بزيادة العدد، فمن هناك قلنا يجب أن يكون ذلك مذهبه.
وكان شيخنا رحمه الله تعالى يعتمد ما ذهب إليه الأكثر، ونحن نختاره.
والذي يدل على صحته: أن الواجب في الأخبار التي لا يحصل فيها العلم العمل على غالب الظن، ولا شك أن كثرة المخبرين تقوي الظن، وهذا يجده الإنسان من نفسه إذا أخبره من يثق به وانضاف إلى ذلك خبر ثاني ثم ثالث أن ظنه لصحة ذلك الخبر يكون أقوى، ثم كذلك ما زاد العدد ازداد الظن قوة حتى ينتهي إلى قدر مخصوص يجب عنده حصول العلم لا محالة.
ولأن الصحابة كانوا يحتاطون في الأخبار بكثرة العدد من غير مناكرة بينهم في ذلك كما روي عن عمر في خبر الإسنان(1)، وأبي بكر في خبر الجدة، فلولا أن لكثرة المخبرين مزية لكان طلبهم لزيادة العدد عبثا قبيحا ممن فعله وسكوت الباقين قبيح أيضا؛ لأنهم أقروا على القبيح، وذلك لا يجوز لما يأتي بيانه معللا في باب الإجماع إن شاء الله تعالى.
مسألة:[الكلام في ترجيح الخبر بعمل الأكثر]
فأما إذا عمل أكثر الصحابة على خبر وعابوا على الأول؛ فإن شيخنا رحمه الله تعالى كان يرجح ما عليه الأكثر، قال: لأن الظن لصحة ما هم عليه أقوى.
وذكر أن القاضي نصر ذلك في العمد، وعند بعضهم لا يقع به الترجيح، وحكى شيخنا أيضا أن القاضي نصره في الشرح.
والذي يدل على صحة القول الأول: أن العمل على الظن الأقوى أولى من العمل على الظن الأضعف، ولا شك أن كثرة العاملين على الخبر تقوي الظن بصحته بدلالة أنهم لو بلغوا قدرا مخصوصا ونقلوا الخبر عن علمهم صار خبرا معلوما، وخبر الأول في أغلب الأحوال مظنونا والعمل على المعلوم أولى.
Shafi 223