175

أما أنا متعبدون بمعناه دون تلاوة لفظه: فذلك ظاهر بالإجماع.

وأما أن المعنى حاصل وإن نقل إلينا بلفظ آخر: فذلك معلوم لنا من ألفاظ اللغة العربية؛ لأن أكثرها يكشف عن معنى غيره، ويقوم مقامه كالجلوس والقعود والقيام والإنتصاب والمشي والسير، والرزق والإنفاق، والسعي والإحصار..إلى غير ذلك مما يطول شرحه، وفيما ذكرنا كفاية.

وقوله رحمه الله تعالى: إن المصلحة لا يمتنع تعلقها بالظاهر أو الغامض لا يلزم؛ لأنا نقول: لو علم الله تعالى ذلك لتعبدنا بتلاوة لفظ الخبر كما تعبدنا بتلاوة لفظ القرآن، ولفظ الأذان والتشهد لما علم أن المصلحة متعلقة بتلاوة لفظ ذلك، فلما لم يتعبدنا بتلاوة لفظ الخبر علمنا أنه لا مصلحة لنا في اللفظ، وإنما تعلق مصلحتنا بالمعنى، فإذا حصل لنا المعنى جاز بأي لفظ كان.

مسألة:[الكلام في الوجادة]

إذا عرف الراوي خطه في كتابه وذكر أنه قرأه على شيخه إما جملة وإما تفصيلا أو قرأه عليه شيخه، فلا خلاف أنه يجوز له روايته، ويجب قبول خبره، وإن شك في سماعه أو التبس عليه حاله، ولم يرجح وقوع السماع ولا نفيه فلا خلاف أنه لا يجوز له روايته؛ لأنه لا يجوز أن يروي الإنسان عن غيره ما لا يغلب على ظنه صحته بالإتفاق؛ فإن غلب على ظنه سماعه أو عرف علامة خط شيخه أو خط نفسه فيما يغلب على ظنه أنها لا تقع إلا فيما سمعه، فقد اختلفوا في ذلك.

فحكى شيخنا رحمه الله تعالى عن أبي حنيفة أنه لا يجوز له أن يرويه ولا يجوز له قبول روايته ولا العمل على خبره؛ لأنه لا يجوز أن يقول: حدثني فلان وهو لا يعلم أنه حدثه، وبناه على الشهادة.

Shafi 200